نشوءها وتطورها ، يتولى توضيحها علماء نزيهون يمثلون مختلف المدارس والمذاهب الإسلامية ، غير أن الواقع ظل دائما يجري بعكس الاتجاه المطلوب ، الإمام الصادق ( ع ) مثلا ، هو ذلك العملاق الكبير الذي على يده تخرج كبار الفقه الإسلامي ، نراه يقبر في ذاكرة النسيان ، في حين هناك بعض الأصوات المختنقة بتعسفها ، تحاول عبثا إنقاذ بعض المذاهب من تحت الرميم ، وتعيد بناء الطلل المنسي . فمتى ما لم يتنازل الطرف الآخر عن موقفه الصارم الذي لا يتسع لرأي الآخر ، فإن المشكلة ستبقى عالقة إلى الأبد . حتى ولو طال المزمار بطلب الوحدة ، إن الرافضي ظلت ولا زالت هي عنوان كل معتصم بولاية الأئمة الطاهرين من أهل البيت ، وكان التشيع ولا يزال تهمة مسقطة للسمعة . ففي الماضي المتخلف كانت تهمة التشيع تعني الجريمة التي لا حد فيها غير الإعدام في دولة خلفاء بني أمية والعباس . وعلي تهمة تتلف عدالة الراوي عند المحدثين ، ومن هنا كان بينهم والتعرض للإمام النسائي أن ينسبوا له التشيع عندما كتب في خصائص الإمام علي ( ع ) فنال بها ما شاء له الخلفاء من الشتم والضرب كما أن الشافعي الذي يعد أحد أئمة المذاهب الأربعة كان ممن أتهم بالتشيع لأهل البيت ( ع ) وكان البخاري يرفض الرواية عنه ، ولم يخرج أحاديثه كما ذكر الرازي في مناقبه ، وكذلك الطبري المؤرخ الكبير وصاحب أول تفسير جامع عند العامة ، لم ينج من هذه التهمة التي رجم من أجلها ، في حين لا يجد المحدثين حرجا في أن يخرجوا أحاديث لمن عرف بالنصب لأهل البيت . فقد أخرج البخاري لعمر ابن حطان ، وهو خارجي ، كما أخرج النسائي لعمر بن سعد قاتل الحسين . إن هذه التهمة أصبحت معنية في حد ذاتها . أن يكون المرء شيعيا كاف لإخراجه من الملة أو الآدمية في عصور الظلام . وساعد في ذلك بلاغات العرب في تشويه صورة أعدائهم أو أقلياتهم ، ولعل الكثير ممن يجهل مغزى هذه التهمة كان ينخرط بسهولة في هذه الجوقة الناصبية ، وذلك من باب حشر مع الناس عيد . فكثير من أهل الشام ظلوا يلعنون عليا ( ع ) في المنابر ، ولم يعرفوه عن قرب ، حتى إذا جاء الشامي إلى الكوفة ويسأل عن علي ( ع ) فيقال له إنه بالمسجد ، يأخذه العجب ، ويدهشه الأمر ، معربا عن حالته