غير أن عثمان وبطانته كانوا قد خانوا العهد فرجعت الوفود جميعها . تطالب بقتل عثمان وجماعته وكانت آخر كلمة لعلي ( ع ) قالها لعثمان : " ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك [96] " . وبقي كذلك ، ولم يجب طلب عثمان ، وهو يعلم أن ذلك يؤدي به إلى الموت حتما . والذين قتلوا عثمان ، كانوا هم من بايع عليا ( ع ) وأصبحوا ساعده الأيمن . ولم يقل فيهم شيئا . ولأعاتبهم على شئ من ذلك البتة ، بل قد دافع عنهم ، وكان بينه وبين معاوية أن يسلم له قتلة عثمان ، لكن الإمام قاتل بهؤلاء بقايا الأمويين . واشتدت عرى ولائهم له . وكان محمد بن أبي بكر الذي طعن عثمان ومالك الأشتر هم عماله الثقات على الأمصار ، وهم الذين زكى الإمام علي ( ع ) ثورتهم بأن جعل ثقته فيهم في إقامة الذين ومتابعة الاصلاح . فعندما أراد أن يبعث محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر إلى الكوفة . قال لهم : إني اخترتكم على الأمصار وفزعت إليكم لما حدث ، فكونوا لدين الله أعوانا وأنصارا وانهضوا إلينا ، فالإصلاح نريد لتعود هذه الأمة إخوانا [97] . لقد كان موقف علي وشيعته الأوائل واضحا لأعداءه . ولهذا سرعان ما اهتزت عائشة ، التي كانت بالأمس تقول : يا معشر المسلمين هذا جلباب رسول الله لم يبل وقد أبلى عثمان سنته ، فقال عثمان : " رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم [98] " . تقول اليوم : يا أيها الناس إن عثمان قتل مظلوما والله لأطلبن بدمه وكانت تقول : " يا معشر قريش إن عثمان قد قتل ، قتله علي بن أبي طالب ، والله لأنملة أو قالت لليلة من عثمان خير من علي الدهر كله [99] " .
[96] ابن الأثير . [97] ابن الأثير . [98] اليعقوبي . [99] البلاذري / الأنساب .