تسمح بانعكاس الضوء ، وعدم توفرها في بعض المحدثات يسمح بعدم رؤيتها . ولكن الرؤية بنفسها تسلتزم الجهة ( للمقابلة ) ، والجسمية ( للكثافة ) فهي تسلتزم الحدوث ، فكل مرئي محدث ، لا العكس . ونقول عن الثاني ( وليس في الرؤية إثبات حدوث معنى . . . ) : إن المعنى يحدث باتصال الضوء والمقابلة ، وإن لم يكن اتصال ضوء ولا مقابلة لم تكن رؤية بصرية . ونقول عن الثالث : إنها مجرد دعوى كسوابقها فالتشبيه متحقق لا مفر منه فإن حقيقية الرؤية قائمة بالمقابلة ، والمقابلة لا تنفك عن كون المرئي في جهة ومكان ، وليس أظهر من هكذا تشبيه ، حيث الجهة والجسمية ، وتعالى ليس كمثله شيء . ب - يقول الباقلاني : ( والحجة على ذلك أنه تعالى موجود : والشيء إنما يصح أن يرى من حيث كان موجوداً إذا كان لا يرى لجنسه ، لأنا لا نرى الأجناس المختلفة ولا يرى لحدوثه إذا أنا نرى الشيء في حال لا يصح أن يحدث فيها ، ولا لحدوث معنى فيه إذا قد ترى الأعراض التي لا تحدث المعاني ) ( 1 ) . وبتقرير آخر : ( إننا ما دمنا نرى الأعراض فإننا نرى الجواهر بالضرورة ) ( 2 ) . ( إن الرؤية مشتركة بين الجواهر والأعراض ، ولا بد للرؤية المشتركة من علة واحدة وهي : إما الوجود أو الحدوث ، والحدوث لا يصح للعلية لأنه أمر عدمي ، فتعين الوجود . . فنتج أن صحة الرؤية مشتركة بين الواجب والممكن ) ( 3 ) .
1 - د . عبد الرحمن البدوي ، مذاهب الإسلاميين ج 1 ص 316 . 2 - د . حسن حنفي ( من العقيدة إلى الثورة ) ج 2 ص 253 . 3 - الملل والنحل للسبحاني ج 2 ص 200 .