وبهذا ينسبون عقائد الشيعة وتاريخهم إلى عبد الله بن سبأ وبذلك جعلوا حواجز نفسية بين الباحثين والحقيقة ، وعندها ساروا على موال المؤرخين من غير بحث أو تدقيق ، فنجد الكاتب أحمد أمين مثلاً في كتابه - فجر الإسلام - بعد أن ينقل قصة عبد الله بن سبأ ويرسلها إرسال المسلمات ، يجد الطريق أمامه مفتوحاً لكيل التهم والأكاذيب على الشيعة فيقول ص 269 : ( ولم يكتف غلاة الشيعة بهذا القدر في علي ، ولم يقنعوا بأنه أفضل الخلق بعد النبي وأنه معصوم ، بل آلهوه فمنهم من قال : ( حلَّ في علي جزء إلهي ، واتحد بجسه فيه ، وبه كان يعلم الغيب ) ثم بعد ذلك ينقل خرافة ابن سبأ ويحلل فيها ثم يستخلص هذه النتيجة قائلاً : ( والحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإٍسلام لعداوة أو حقد . . ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية . . ) وهو يقول ذلك مرتجلاً من غير بحث أو تدقيق ، بل كحاطب ليل لا يعي ما يقول ، ولكن ليس اللوم عليه ، فما جاء به هو ناج لانحراف التاريخ والمؤرخين . وهكذا كان التاريخ وكانت السبأئية وبحثوها بكل تجرد ودقة فلم تظهر أمامهم إلا قصة مفتعلة ، ولقد أفرد لها العلامة مرتضى العسكري مجلدين سماهما - عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى - تتبع فيها رواية ابن سبأ في كل المصادر التاريخية ، ولا يسعني المجال لسرد الأدلة التي تكشف حقيقتها فأكتفي هنا بإشارات : - ترجع هذه الأكذوبة إلى راوٍ واحد وهو - سيف بن عمر - مؤلف كتاب . . ( الفتوح الكبيرة والردة ) و ( الجمل ومسيرة عائشة وعلي ونقل عنهما الطبري في تاريخه موزعاً على حوادث السنين ، وابن عساكر والذهبي في تاريخه الكبير .