ومن المعروف عنه أنه يكره وضع الكتب التي تشمل التفريع والرأي ، فقد قال يوماً لعثمان بن سعيد : لا تنظر إلى ما في كتب أبي عبيد ولا فيما وضع إسحاق ولا فيما وضع سفيان ولا الشافعي ولا مالك وعليك بالأصل . ومن أشهر تأليفاته في الحديث مسنده - يشمل أربعين ألف حديث تكرر منها عشرة آلاف - ، وقد وثق أحمد مسنده ، فعندما سُئل عن حديث قال : ( انظر فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة ) وقد طعن فيه كثير من الحفاظ لوم يوثقوا كل ما فيه ، بل صرحوا بوجود روايات موضوعة وليس هنا مقام البحث في هذا الأمر . محنة أحمد بن حنبل : إن أظهر منعطف في تاريخ أحمد بن حنبل هي المحنة التي لاقاها بسبب القول بعدم خلق القرآن وقد بدأت محنته في زمن المأمون الذي كان يأخذ الناس بالعنف للقول بخلق القرآن ، وقد كان المأمون متكلماً عالماً فأرسل منشوره إلى كل ولاته يأمرهم بامتحان الناس بخلق القرآن ، جاء فيه : ( إن خليفة المسلمين واجب عليه حفظ الدين وإقامته والعمل بالحق في الرعية ، وقد عرف أمير المؤمنين أن الجمهور الأعظم والسواد الأكبر من حشو الرعية وسفلة العامة مما لا نظر له ولا روية ، ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته ، ولا استضاءة بنور العلم وبرهانه ، في جميع الأقطار والآفاق ، أهل جهالة بالله وعمى عنه ، وضلالة عن حقيقة دينه وتوحيده ، والإيمان به ، ونكوب عن واضحات أعلامه ، وواجب سبيله ، وقصور عن أن يقدروا الله حق قدره ، ويعرفونه كنه معرفته ويفرقوا بينه وبين خلقه ، لضعف آرائهم ونقص عقولهم وجفائهم عن التفكر والتذكر ، وذلك أنهم ساووا بين الله تبارك وتعالى وما