البخاري توجيهها وتحريفها ، فتجنب تدوينها في كتابه ، وهذا هو السبب الأساسي الذي جعل صحيح البخاري لدى الحكام أصح كتاب بعد كتاب الله ولا أعرف له سبباً غير هذا . 4 - النموذج الرابع : وإليك هذه الحادثة التي يظهر لك من خلالها إلى أي مدى يتعمد البخاري تحريف الحقائق ، فقد روى علماء السنة وحفاظهم مثل الترمذي في صحيحه ، والحاكم في مستدركه وأحمد بن حنبل في مسنده ، والنسائي في خصائصه والطبي في تفسيره ، وجلال الدين السيوطي في تفسيره ( الدر المنثور ) ، والمتقي الهندي في كنز العمال ، وابن الأثير في تاريخه وغيرهم كثيرون ، رووا : ( أن رسول الله ( ص ) بعث أبا بكر رضي الله عنه وأمره بأن ينادي بهذه الكلمات وهي براءة من الله ورسوله . . ) ، ثم أتبعهم علياً ( ع ) وأمره بأن ينادي بها هو . فقام علي ( ع ) في أيام التشريق فنادى : إن الله برئ من المشركين ورسوله ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ) ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال : يا رسول الله نزل في شيء ؟ قال : لا ولكن جبرائيل جاءني فقال لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ) . وهنا وقع البخاري في معضلة ، فهذه الرواية تخالف تماماً مذهبه وعقيدته . فهي تثبت فضيلة لعلي ( ع ) وما أعظمها من فضيلة ، وفي المقابل تنتقص أو لا تثبت شيئاً لأبي بكر ، فكيف له أن يحور هذه الرواية إلى مصلحته وعقيدته ، فيثبت بها منقبة لأبي بكر ولا شيء لعلي . تعالوا ، لكي تنظروا ، كيف خرج البخاري بذكائه من هذه المخمصة .