responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 97


ولقد حذرهم عليه السلام من الامساك بذيل المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، لأن الكون يسير بالنظام الجاري فيه إلى غايات صالحة ، والكون ترتبط أجزاءه ارتباطا محكما ، وأي انحراف أو تفريط فإن الميل والانحراف يكون إفسادا للنظام المرسوم . ويتبعه إفساد غاياته . الإنسان الذي هو أحد أجزاء الكون غير مستثنى من هذه الكلية الجارية ، فإن جرى على ما تهديه إليه الفطرة فاز بالسعادة المقدرة له ، وإن تعدى حدود فطرته وأفسد في الأرض ، أخذه الله بالسنين وأنواع النكال والنقمة لعله يرجع إلى الصلاح والسداد . وإن أقاموا على ذلك الفساد لرسوخه في نفوسهم . أخذهم الله بعذاب الاستئصال ، وطهر الأرض من قذارة فسادهم [17] فماذا قال الجبابرة والمترفون والمسرفون لصالح عليه السلام عندما دعاهم إلى عبادة الله وحذرهم من نقمه . وعندما بين لهم أن الطريق الصحيح لن يكون في ذيل الذين يفسدون في الأرض ؟ يقول تعالى : ( قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين ) [18] لقد واجهوا النصح بحشد من الاتهامات فاتهموه - بأنه ممن سحر مرة بعد مرة حتى غلب السحر على عقله [19] وضعوا على كل مرحلة من مراحل حياته علامة تقول إنه مسحور . صادروا الحكمة والبلاغة والمضمون ودقوا وتد السحر . وعندما خاطبهم جمعوا له كل العلامات التي وضعوها على امتداد حياته وقالوا : ( إنما أنت من المسحرين ) ولم ينس طابور الانحراف أن يلقي بأثقال الآباء التي ألقي بها من قبل أمام نوح وهود عليهما السلام فقالوا لصالح عليه السلام : ( ما أنت إلا بشر مثلنا ) ثم اقترحوا عليه أن يأتيهم بآية تثبت صدقه في دعواه فقالوا : ( فأت بآية إن كنت من الصادقين ) .
لقد دعاهم عليه السلام لكي يدخلوا في رحاب الأمن الحق الذي يربط أجزاء الكون بالعدل . ولكن العدل عند خيمة الانحراف ، أن تتركهم وما يفعلون ، وأن تتركهم وما يقولون ، وأن لا تحول بينهم وبين ما يحبون ! العدالة عندهم أن تتركهم حتى لو أدت أعمالهم إلى احتراق الأخضر واليابس في مشهد واحد .



[17] الميزان .
[18] سورة الشعراء ، الآيتان : 153 - 154 .
[19] الميزان .

97

نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست