نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 48
والسعادة [53] . لقد حطم عليه السلام بحججه أصنام التحقير والانتقاص . وبين لهم أنه لا يدعي شيئا مما يتوقعونه من رسالته ، فليس للرسول إلا الرسالة وقد قدم لهم ما يثبت صدقه في أنه رسول من الله رب العالمين . لكنهم نظروا إلى البينة والرحمة بعيون الاستكبار فعميت عليهم . ثم أخبرهم أن الضعفاء الذين لهم هوان عندهم لم يؤمنوا طمعا في مال عنده . لأنه لا يملك هذا المال بدليل أنه لم يسألهم أموالهم ولم يدع أنه يملك خزائن الرحمة وعلم الغيب ، وبين لهم أن الله تعالى هو العليم بما في الصدور . وأن ملاك الكرامة الدينية والرحمة الإلهية زكاء النفس وسلامة القلب ، فمن الجائز أن يعلم الله من نفوس هؤلاء الضعفاء خيرا فيؤتيهم خيرا ، ولا ينبغي أن يقال لن يؤت الله هؤلاء خيرا ، لأن القول بهذا ظلم يدخل صاحبه في زمرة الظالمين . لقد قال نوح عليه السلام هذا وهو يدعوهم إلى التوحيد ، كان يخاصمهم ويحاجهم بفنون الخصام والحجاج حتى قطع جميع معاذيرهم وأنار الحق لهم على امتداد مئات من السنين . ولكن كفار قومه أصروا على التكذيب وعبادة الأوثان وتحقير الإنسان . * رابعا : الاضطهاد والتحدي : أمام حجج نوح عليه السلام ، رفع طابور الكفر لافتة تتهم نوحا بالجنون . يقول تعالى : ( فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ) [54] قال المفسرون : في التعبير عن نوح عليه السلام بقوله تعالى : ( عبدنا ) تجليل لمقامه وتعظيم لأمره وإشارة إلى أن تكذيبهم له يرجع إليه تعالى ، لأنه عبد لا يملك شيئا ، وما له فهو لله ، ولم يقتصروا على مجرد التكذيب ، بل نسبوه إلى الجنون ، فقالوا : هو مجنون ، وازدجره الجن ، فلا يتكلم إلا عن زجر وليس كلامه من الوحي السماوي في شئ ، وقيل المعنى : ازدجره القوم عن الدعوة والتبليغ بأنواع الايذاء والتخويف [55] . وأمام سياسة الإرهاب هذه واجه نوح عليه السلام قومه