نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 42
والذين آمنوا سيعرضون على الله فيحاسبهم ، ولا يملك أحد أن يحاسبهم سواه . . . ثم قال لهم : ( ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ) أي من يمنعه من عذاب الله إن طردهم من عنده ، أفلا يتذكرون أن هذا العمل إذا تم يكون ظلما ؟ والله تعالى ينتصر للمظلوم من الظالم وينتقم منه ، والعقل جازم بأن الله سبحانه لا يساوي بين الظالم والمظلوم ، ولا يدع الظالم يظلم دون أن يجازيه على ظلمه بما يسوءه ويشفي به غليل صدر المظلوم والله عزيز ذو انتقام [41] . لكن القوم لا يفقهون قولا ، فدستور التحقير الذي وضع الشيطان أصوله جرى في عروقهم مجرى الدم ، فهم قادة عالم اللعب واللهو والزينة وهم أساتذة في التفاخر ، فإذا جاءهم منهج من غيرهم واتبعه عمالهم كان في ذلك شقاؤهم . لهذا وقفوا منذ البداية في موقف الصد عن سبيل الله ، وتبني الأشراف ثقافة تشربها العامة والغوغاء بسهولة ، ثقافة تقول لهم : لا تضيعوا وقتكم أمام دعوة لا طائل من ورائها ! ثقافة تحرك لسانها بكلمات عذبة تضمر خدعا معسولة خدع معسولة تلفها أحابيل ماكرة . أحابيل ماكرة ما إن تسمعها آذان الغوغاء حتى تحتضنهما قلوبهم وتدافع عنها سواعدهم ، وكفى بالسواعد أن تدافع عن نظام الملأ ! ذلك النظام الذي يهدده أراذل إخساء على رأسهم بشر يدعي أنه يوحى إليه . ويطالب القوم باتباعه وطاعته ، وهو - أي الرسول - وهم - أي الأراذل - لا يملكون لعبا ولا لهوا ولا زينة . والخلاصة أن فقه التحقير والانتقاص الذي وضعه الشيطان ورعاه كفار قوم نوح في بداية الطريق . كان بجميع المقاييس كارثة على المسيرة البشرية فيما بعد لأنه كان عمود عتيق على طريق الانحراف والصد عن سبيل الله . * ثالثا : دفع الصد والتحقير : لقد تقدم نوح عليه السلام برسالته التي بعثه الله تعالى بها إلى قومه ، وكانت الرسالة في مجملها إنذار : أن لا يعبدوا إلا الله لأنه يخاف عليهم عذاب يوم أليم ، وعندما تقدم عليه السلام برسالته إلى قومه صدوه بردود ثلاثة : الأول : قولهم : ( ما نراك إلا بشر مثلنا ) .