نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 406
إلى طابور النفاق كي يتعامل مع الدنيا على اعتبار أنها قنطرة إلى الآخرة . وعلى هذا لا بد لمن يأكل أن يأكل بشرف ولمن يأخذ أن يأخذ بشرف . ولكن طابور النفاق في مجمله لم يتذوق هذه المعاني السامية وأضمر في أعماقه جوعا وحقدا وانتقاما . ومارس عمليات الحفر لينتج في النهاية حفرا عديدة إذا وضعت بذرة في إحداها لا تنبت إلا مسخا وغثاء . وفي جميع الحالات النتيجة لصالح مراقب بني إسرائيل على طريق الطمس الذي يؤدي إلى نبي اليهود المنتظر والذي يسميه الإسلام بالمسيح الدجال . ويرى الباحث في السيرة النبوية أن طابور النفاق بعد فتح مكة نشطت خطواته . ويبدو هذا في أحداث غزوة حنين وغزوة تبوك والمسجد الضرار وكلها بعد فتح مكة . ثامنا : من تعاليم النجاة : على امتداد بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . كان الوحي يرشد إلى صراط الله ويقيم الحجة على عباد الله . ويوم فتح مكة هدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنيان دين الشرك وكسر الأصنام ليجعل بذلك العقل والوجدان في حرية تامة كي يختارا العقيدة التي ترتضيها الفطرة . وأمام الفطرة وضعت الشرائع التي تبث الأمن والأمان وتعلن يأس الكفار من النيل من هذا الدين . وتدعو الفطرة أن لا موجب للخشية بعد يأس هؤلاء . وأن عليها أن تخشى الله الذي بيده مصير الأمور قال تعالى : ! اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ) [280] قال المفسرون : أي بأن دين المسلمين في أمن من جهة الكفار مصون من الخطر المتوجه من قبلهم . وأنه لا يتسرب إليه شئ من طوارق الفساد والهلاك إلا من قبل المسلمين أنفسهم . وأن ذلك إنما يكون بكفرهم بهذه النعمة التامة . ورفضهم هذا الدين الكامل المرضي . ويومئذ يسلبهم الله نعمته وبغيرها إلى النقمة ويذيقهم لباس الجوع والخوف . ومن أراد الوقوف على مبلغ صدق هذه الآية من قوله : ! فلا تخشوهم واخشون ، فعليه أن يتأمل فيما استقر عليه حال العالم الإسلامي اليوم . ثم يرجع القهقري بتحليل الحوادث التاريخية حتى يحصل ، على أصول القضايا وأعراقها .