نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 173
ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين * وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحكمين ) [25] . قال المفسرون : دعاهم ( أولا ) : بعد التوحيد الذي هو أصل الدين ، إلى إيفاء الكيل والميزان وأن لا يبخسوا الناس أشياءهم . لأن الإفساد في المعاملات كان رائجا فيهم شائعا بينهم . ثم دعاهم ( ثانيا ) : إلى الكف عن الفساد في الأرض بعدما أصلحها الله كي ينتظم أمر الحياة السعيدة ، ثم علل دعوته إلى الأمرين بقوله : ( ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ) أما كونه إيفاء الكيل والميزان ، وعدم بخس الناس أشياءهم خير ، فلأن حياة الإنسان الاجتماعية في استقامتها ، مبنية على المبادلة بين الأفراد ، بإعطاء كل منهم ما يفضل من حاجته . وأخذ ما يعادله مما يتم به نقصه في ضروريات الحياة وما يتبعها ، وهذا يحتاج إلى أمن عام في المعاملات ، تحفظ به أوصاف الأشياء ومقاديرها على ما هي عليه . فمن يجوز لنفسه البخس في أشياء الناس ، فهو يجوز ذلك لكل من هو مثله ، وهو شيوعه . وإذا شاع البخس والغش كان فيه هلاك الأموال والنفوس جميعا . وأما كون الكف عن إفساد الأرض خيرا لهم ، فلأن سلب الأمن العام ، يوقف رحى المجتمع الإنساني عن حركتها من جميع الجهات ، وفي ذلك هلاك الحرث والنسل وفناء الإنسانية فالمعنى : إيفاء الكيل والميزان وعدم البخس والكف عن الفساد في الأرض خير لكم ، يظهر لكم خير نية إن كنتم مصدقين لقولي مؤمنين بي . أو المعنى : ذلكم خير لكم تعلمون أنه خير إن كنتم ذوي إيمان بالحق . . ثم دعاهم ( ثالثا ) : إلى ترك التعرض لصراط الله المستقيم . الذي هو الدين . فإن في الكلام تلويحا إلى أنهم كانوا يقعدون على طريق المؤمنين بشعيب عليه السلام . ويوعدونهم على إيمانهم به . والحضور عنده . والاستماع منه . وإجراء العبارات الدينية معه . ويصرفونهم عن التدين بدين الحق والسلوك في طريق التوحيد . . . وبالجملة كانوا يقطعون الطريق على