نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 139
فماذا كان موقع البشرى على الشيخ الذي مسه الكبر وزوجته العجوز العقيم ؟ فأما إبراهيم عليه السلام فقد قال : ( أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين * قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) [45] قال المفسرون : تلقى إبراهيم عليه السلام البشرى وهو شيخ كبير هرم . لا عقب له من زوجه ولذا تعجب من قولهم . واستفهمهم . كيف يبشرونه بالولد وحاله هذه الحال وزوجه عجوز عقيم . والمعنى : إني لأتعجب من بشارتكم إياي . والحال أني شيخ هرم فنى شبابي وفقدت قوى بدني . والعادة تستدعي أن لا يولد لمن هذا شأنه [46] وأمام تعجب إبراهيم قالوا ( بشرناك بالحق ) أي أن بشارتنا ملازمة للحق غير منفكة منه . فلا تدفعها بالاستبعاد فتكون من القانطين من رحمة الله . فقال إبراهيم : ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) أي أن القنوط من رحمة الله ما يختص بالضالين . ولست أنا بضال فليس سؤالي سؤال قانط مستبعد [47] . أما موقع البشرى على زوجة الخليل . فإنها عندما سمعت ( قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) [48] لقد وجدت نفسها أمام مفاجأة . فما لبثت أن قالت بكلمات ( يا ويلتي ) ( أألد وأنا عجوز ) ( وهذا بعلي شيخا ) ثم أجملت ( إن هذا لشئ عجيب ) ومورد التعجب أنها لما سمعت بشارة الملائكة . تمثل لها الحال . كيف يولد ولد من عجوز عقيم وشيخ هرم بالغين في الكبر ولا يعهد من مثلهما الاستيلاد فهو أمر عجيب . ولقد أنكرت الملائكة تعجبها وقالوا : ( أتعجبين من أمر الله ) أضافوا الأمر إلى الله لينقطع بذلك كل استعجاب واستغراب لأن ساحة الألوهية لا يشق شئ عليها فهو سبحانه الخالق لكل شئ . ثم نبهوها بقولهم : ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ) وذلك لأن الله أنزل رحمته وبركاته عليهم أهل البيت . فليس من البعيد أن يكون من ذلك
[45] سورة الحجر ، الآيات : 54 - 56 . [46] الميزان : 181 / 12 ، ابن كثير : 554 / 2 . [47] الميزان : 181 / 12 ، البغوي : 22 / 5 . [48] سورة هود ، الآيات : 72 - 73 .
139
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 139