نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 137
لوط عليه السلام في بلاد الأردن على الأظهر ، وكانت قريته التي حل بها وسكنها اسمها ( سدوم ) ويجاورها قراها الخمس . وذكر المسعودي : " أن هذه بلاد بين تخوم الشام والحجاز مما يلي الأردن وبلاد فلسطين إلا أن ذلك من خير الشام " [40] فهذا مكان لوط عليه السلام . أما مكان إبراهيم عليه السلام فكان في قلب الأرض التي بارك الله حولها في فلسطين . فالمسافة كانت تسمح بالتزاور بينهما . والذي نقصده من قرب المسافة أن نضع مكان إبراهيم ومكان لوط على لوحة واحدة ، وننظر فيها بإمعان فإبراهيم عليه السلام هناك كان قد مسه الكبر ، وكانت زوجته عجوزا عقيما . وقضية أن يكون لهما ولد قضية بمقاييس البشر مستحيلة . فالولد من رجل مسه الكبر وامرأة عجوز عقيم لا يأتي إلا بمعجزة خارقة للعادة وبأمر ( كن ) هذا هو الحال في فلسطين ، أما في سدوم فالأمر مختلف ، فهناك اتفاق شيطاني للقضاء على النسل . فالغلام والشاب والرجل والكهل . ردوا على رسالة لوط إليهم بطريقة عملية تستقيم مع طريقة الذين رفضوا البشر الرسول من قوم نوح وعاد وثمود ، فالأوائل رفضوا بشرية الرسول لأنهم يمتلكون ما لا يمتلكه الرسول ، أما قوم لوط فرفضوا البشرية جمعاء بقطعهم السبيل ، وهذا الرفض صورة معدلة من الرفض الشيطاني حين أمر بالسجود لآدم فقال : أنا خير منه ! فالصورة الشيطانية لفقه أنا أخير منه ارتدى أكثر من رداء على امتداد المسيرة البشرية وجميع الأردية تصب في هدف واحد هو الصد عن سبيل الله . إذ إبراهيم عليه السلام يقف على أرضية جدباء لا ولد فيها وهو ممتلئ بالرضا ، وقوم لوط هناك يقفون على أرضية يمكن أن يكون عليها الخصب والولد ولكنهم أسرفوا وأفسدوا وقالوا لنبيهم ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين . لقد وقفوا في خندق المحاربة لله . ومن حارب الله قصمه الله وقطع دابره . إن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا لهدف ومن وراء هذا الهدف حكمة . وما تسقط من ورقة في هذا الكون الفسيح إلا يعلمها . لقد انطلق إبراهيم ولوط من العراق إلى الأرض الجديدة رافعين راية التوحيد والفطرة وعلى رقعة واحدة بدأ كل منهما في تنفيذ ما أمره الله تعالى به . إبراهيم في أعلى الشامات يرفع راية التوحيد والفطرة ولوط في أدنى الشامات يرفع نفس الراية وسط فتات آدمي مهلهل زين له الشيطان