نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 131
2 - الدعوة : كان قوم لوط أهل لهو ولغو وفساد ودجل وباطل . فلقد خلعوا جلباب الحياء فكانوا لا يخجلون من فعل القبيح الذي تأباه البهائم وتنفر منه جميع النفوس البشرية من سابق ولاحق ، وكانوا لا يستحي بعضهم من بعض أن يأتي بأفظع المنكرات ، فيجتمع كبيرهم وصغيرهم والأب والابن والسيد والعبد منهم على نكاح الرجل الغريب واللواط به ، ولو في محضر نسائهم وبناتهم . ويتعاقبون الآخر بعد من سبقه . . ولقد بعث فيهم لوط عليه السلام بعد أن اهتدى بهدى إبراهيم وتبعه في هجرته ثم افترقا ليعملا بما فرضه الله تعالى عليهما من نشر الفضائل ونصح الناس وإرشادهم وتبليغهم التكاليف ، وكان لوط عليه السلام غاية في الكرم واستمساك بالزمام ورعاية بالجار والنزيل ، فقد بالغ في جهاد الملحدين ودفع أذاهم ، وكان قومه إذا وفد إليهم أحد من الناس وثبوا إليه ليفضحوه ويسلبوا ماله . فكان عليه السلام يحجز بينهم ويدافعهم ويمنعهم عنه . ويحذر الوافد سوء معاملتهم حتى لقي منهم ما لقي من التهديد والأذى ولم يكن له فيهم من ناصر ، وكان من أشد الناس إليه أذى : زوجته ، فكانت هي عينا لقومها على زوجها ، فكانت كافرة ، ولم تؤمن بالله ولا برسوله ، فلذلك أهلكها الله تعالى معهم وأصابها ما أصابهم [14] . وفي هذا الانحراف الساقط ووسط هذا الشذوذ الذي يحيط به الدنس والعار من كل اتجاه ، أطلق لوط عليه السلام صيحاته محذرا ، ولكن بجاحة الشهوة لا سمع لها ولا بصر ولا فؤاد ، لقد دار القوم ضد حركة الكون وخرجوا على كل ما فيه . لقد خلق الله الذكر والأنثى . وجهز كل صنف من الصنفين بأعضاء وأدوات ومن يتأمل في صنع الله ، وإلقائه تعالى غريزة الشهوة في كل منهما والجمع بينهما بالنكاح . يعلم أن الحكمة من وراء ذلك هي التناسل الحافظ لبقاء النوع حتى حين ، فالرجل مخلوق للمرأة لا لرجل مثله ، والمرأة مخلوقة للرجل لا لامرأة مثلها ، والنظرة الإنسانية تهدي إلى ازدواج الرجال بالنساء دون الرجال . وازدواج النساء بالرجال دون النساء ، ولكن القوم أقاموا جدرا داخل نفوسهم فلم يتدبروا . وأقاموا أسوارا عالية من السحب الداكنة السوداء حول الفطرة فلم يسمحوا لشعاع