فأما حين كانت المعارضة للسلطة من حيث هي كذلك ، وجدنا أسلوبهم مختلفا ، فأصل في مجتمعاتنا التجبر واضطهاد المخالفين وانتهاك الحرمات في ذلك ولو كانت حرمة بنت رسول الله ! فسعد بن عبادة ( قتله الله ) لأنه عارض رأي بعضهم ، وهو منافق يستحق القتل [1] لأنه رفض البيعة ، ولم يستريحوا حتى قتلوه لأنه يشكل خطرا سياسيا ، غير أن مؤرخينا انقسموا فمنهم من استحى أن يذكر واقعة قتله ، لأنها تشكل مخالفة شرعية لأحكام الإسلام الذي لا يبيح قتل من اختلف في الرأي أو عارض السلطة ، ومنهم من استخف بعقولنا فنسب قتله إلى الجن [2] لكنه فشل في تقديم سبب عداء الجن له ، فهل كان الجن في السلطة ورفض سعد مبايعتهم ؟
[1] هذا ما قاله عنه عمر ، أنظر الطبري : 2 / 459 . [2] الرياض النضرة : 2 / 218 ، الإستيعاب لابن عبد البر : 2 / 599 ، طبع . نهضة مصر ، تحقيق البجاوي بدون تاريخ . البلاذري : 1 / 589 ، العقد الفريد : 4 / 260 .