ثانيا : إن الذين اجتمعوا في السقيفة - إن صحت روايات المؤرخين - لم يضعوا الإسلام ولا نظرية الدولة وفكرها ، ولا حتى مصلحة الأمة العامة هدفا أمامهم وهم يحسمون قضية القيادة ، بل قدم كل منهم نفسه على أنه ( مهاجر ) و ( أنصار ) ثم وصل الأمر ببعضهم أن طالب بطرد المهاجرين من المدينة ، مثلهم مثل زعماء الجاهلية قديما وحديثا . فمن نابوا عن قريش تحدثوا باسمها وبمنزلتها في الإسلام ، ومن مثلوا الأنصار سلكوا نفس السبيل ، ثم برزت في السقيفة الأحقاد القبلية القديمة التي كان من المفروض أنها دفنت تحت الأقدام في ظل الإسلام وتعاليمه ، وإذا بالأوس تنضم إلى قريش نكاية في الخزرج وزعيمها ، لأنها خافت أن تؤول القيادة إليها فتسبقها في الفضل . ثالثا : إن رأي الأمة أو الجمهور لم يستطلع أصلا في مسألة تعيين القيادة ، وإنما قرر مصير الأمة كلها نفر قليل - مائة أو أقل أو أكثر قليلا بقدر ما تتسع السقيفة - تزعم النقاش منهم خمسة أفراد فقط ، وقرروا مستقبل الشعب والدولة