مفر إذن من أن نعرض تصرفاتهم وممارساتهم على الحق فنعرف أهله به ، لا أن نقدس أشخاصا - وإن كانوا قادة - ثم نعتبر كل ما صدر عنهم من قول أو فعل أو حتى سكوت ، حقا لا يأتيه الباطل من أي مكان ! . نحن في هذا أمام خيارين إما أن ننظر لأفعال وأحداث ماضينا نظرة علمية ترشدنا إلى الحق ، أو أن نبقي على نظرتنا العاطفية فلا نهتدي إلا إلى امتداد الأخطاء ، واتصال حلقاتها ، وتراكم كمها وكيفها . فنحن نقرأ مثلا في كتب السير والتاريخ أن الخلافة - وهي مثلنا الأعلى - انقلبت ملكا عضوضا منذ سنة إحدى وأربعين بعد الهجرة ، أما لماذا انقلبت ؟ فهذا ما لم نقف إزاءه بجرأة وشجاعة ، أو حتى بمنطق وعقل ، وسكوتنا عن نقد أنفسنا شجع المستشرقين والمغرضين على أن يغمس كل منهم مغرفته في تاريخنا ، ويستخرج منه ما يحلو له ويراه بعينه وعين قومه ، مبتورا عن سياق واقعي معترف به من قبل أهله ، فأجابوا هم على ما تساءل عنه أبناؤنا والعقلاء منا ، فانفتح بذلك علينا باب خطر عظيم