نام کتاب : أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة نویسنده : أسعد وحيد القاسم جلد : 1 صفحه : 116
ولما علم الإمام بما حصل في دومة الجندل بين الحكمين ، أصبح في حل من وثيقة التحكيم ، وقرر استئناف القتال ضد متمردي الشام ، فأرسل إلى الخوارج : ( أما بعد ، فإن هذين الرجلين اللذين ارتضيناهما حكمين قد خالفا كتاب الله واتبعا هواهما بغير هدى من الله ، فإذا بلغكم كتابي هذا فاقبلوا ، فإنا سائرون إلى عدونا وعدوكم ، ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه والسلام ) . فكتبوا إليه : ( أما بعد ، فإنك لم تغضب لربك ، وإنما غضبت لنفسك ، فإن شهدت على نفسك بالكفر ، واستقبلت التوبة ، نظرنا فيما بيننا وبينك ، وإلا فقد نبذناك على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين ) . فلما قرأ الإمام كتابهم أيس منهم ، ورأى أن يتركهم ويمضي بجيشه حتى يلقى أهل الشام [1] . ولكن الخوارج أخذوا يعترضون الناس في الطرقات ، ويفعلون بهم الأفعال المنكرة ، كنهب من يخالفهم والتشنيع بجثته ، فاضطر الإمام أن يغير وجهة سيره ، ومواجهة هذه العصابة المنشقة المفسدة في الأرض أولا " . فسار إليهم بجيشه ووعظهم أولا " ، ودعاهم إلى العودة والتوبة ، ولكنهم أصروا على تشددهم وعنادهم ، فقاتلهم الإمام وألحق بهم شر هزيمة . ويروي المسعودي في ( مروج الذهب ) أنه قتل من أصحاب علي يوم النهروان تسعة نفر ، ولم يفلت من الخوارج إلا عشرة بعد أن كان عددهم عند بدء القتال أربعة آلاف [2] . وبعد أن انتهى الإمام من الخوارج ، أراد أن يواصل سيره من النهروان نحو الشام ، ولكن غالبية أفراد جيشه أبوا عليه ذلك ، متذرعين بالقول : ( يا أمير المؤمنين ، نفذت نبالنا وكلت أذرعنا وتقطعت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا ، فارجع بنا نحسن عدتنا ) . وكان الإمام يدرك كل هذه الضرورات ، ولكنه كان يدرك أيضا " أن معنويات جيشه في تنازل ، سيفضلون الراحة ، في
[1] المصدر السابق ، ص 202 - 203 . [2] المصدر السابق ، ص 222 .
116
نام کتاب : أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة نویسنده : أسعد وحيد القاسم جلد : 1 صفحه : 116