أنه حيث تفرد بي دون هموم الناس هم نفسي فصدقني رأيي وصرفني هواي وصرح لي محض أمري فأفضى بي إلى جد لا يكون فيه لعب ، وصدق لا يثوبه كذب ، وجدتك بعضي بل وجدتك كلي [1] حتى كأن شيئا أصابك أصابني ، وكأن الموت لو اتاك أتاني فعناني من أمرك بما يعنيني من أمر نفسي ، فكتبت إليك كتابي هذا مستظهرا به ان أنا بقيت لك أو فنيت ، واني أوصيك بتقوى الله أي بني ولزوم أمره وعمارة قلبك بذكره والاعتصام بحبله وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ان اخذت به . أحيي قلبك بالموعظة ، وموته بالزهد وقوة اليقين وذلله بالموت ، وقرره بالفناء وبصره فجايع الدنيا وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام ، وأعرض عليه اخبار الماضين وذكره بما أصاب من كان قلبه وسر في بلادهم واثارهم وانظر ما فعلوا وأين حلوا وعمن انتقلوا ، فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة وحلوا دار الغربة وناد في ديارهم : أيتها الديار الخالية أين أهلك ؟ ثم قف على قبورهم فقل : أيتها الأجساد البالية والأعضاء المتفرقة كيف وجدتم الدار التي أنتم بها ؟ أي بني وكأنك عما قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ولا تبع اخرتك بدنياك ، ودع القوم فيما لا تعرف والخطاب فيما لا تكلف ، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلاله فان الكف عن حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال ، وأمر بالمعروف تكن من أهله وأنكر المنكر بلسانك ويدك وباين من فعله بجهدك ، وجاهد في الله حق جهاده ولا
[1] لان الامام السبط هو الخليفة له والقائم مقامه ووارث علمه وفضائله ، وكتب إليه هذه الوصية ليكون له ظهرا ومستندا يرجع إلى العمل بها في حالتي بقائه وفنائه عنه .