العلم قال : ها هم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد . فقام رجل منهم وأخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار إلى الطبق ، فسأله الشريف عن ذلك فقال : إني احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فأقرضت من فلان البقال دهنا للسراج فأخذت هذه القطعة لأدفعها إليه عوض دهنه .
وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضي في عمارة قد اتخذها لهم سماها « دار العلم » ، وعين لهم جميع ما يحتاجون إليه ، فلما سمع الرضي ذلك أمر في الحال بأن يتخذ للخزانة مفاتيح بعدد الطلبة ويدفع إلى كل منهم مفتاح ليأخذ منه ما يحتاج إليه ولا ينتظر خازنا يعطيه ، ورد الطبق على هذه الصورة .
شعره أهل الفن أذعنوا أن الرضي كان في الشعر في المرتبة الراقية والمنزلة العالية ، وعدوه من المجيدين مع اكثاره . وعديله من الشعراء قليل جدا ، وقالوا انه أشعر قريش ، وقال الشعر وهو طفل لم يزد عمره على عشر سنين فأجاد ، ونظم في جميع فنون الشعر فأكثر .
قال السيد الأمين في أعيان الشيعة 9 - 217 : وامتاز الرضي بأن شعره على كثرته لابس كله ثوب الجودة والملاحة ، وهذا مما لم يتفق لشاعر مكثر بل لم يتفق لغيره .
إلى أن قال : وإذا تأملنا في شعر الشريف الرضى وجدناه منطبعا بطابع لا يوجد في غيره ويعسر علينا وصفه والتعبير عنه ، فان حسن الشعر بمنزلة الجمال في الانسان ، فمن نظر إلى الوجه الجميل من أهل الذوق علم أنه جميل ولكن يعسر عليه أن يبين أسباب جماله وتفاصيلها ، وكذا إذا استمع ذو الطبع المستقيم إلى القصيدة الجيدة عرف أنها من الشعر الجيد وصعب عليه أن يفصل الأسباب في