فلقد كان رحمه الله تعالى إلى جانب تآليفه الضخمة في الحديث وغيره كان يولي الزهد والرقائق والأخلاق والإشارات والدقائق . اهتماما بالغا فقد ألف رسائل في هذه الفنون كثيرة رائعة ومثيرة . منها في المنامات والقبر ، وذكر الموت ، وذم الملاهي ، والفرج بعد الشدة ، والتوكل على الله ، والحلم ، ومن عاش بعد الموت ، والصمت ، والعقل وفضله ، وحسن الظن بالله ، والأولياء ، وقضاء الحوائج ، واليقين والشكر لله عز وجل ، والغيبة والنميمة ، والهواتف . وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على سعة إطلاعه من الناحية العلمية . ويدل كذلك على اهتمامه بالجوانب الأخلاقية والرقيقة في حياة العامة والخاصة .
فالتآليف والمجلدات هي لاشك للخاصة من أهل العلم والأدب . وأما العامة فهي لا تدنو من هذه اللجج المتلاطمة ، إنما تكتفي بالضحضاح من الأمواه والشطآن لذا فقد كتب لهم مثل هذه الرسائل لتهذيب أخلاقهم وتشذيب مسارهم لما فيها من الترغيب والترهيب . والتحبب والتأنيب .
وبما أن مؤسسة الكتب الثقافية أخذت على نفسها عهدا أن تكون في مهنتها رسالة وضاءة ، ولمعا لألاءة ملتزمة بكل قواعد الأخلاق والشرع فإنها تقدم اليوم لقرائها سلسالا فرانا ، من معين تاريخنا الذي لا ينضب ولا يغور لعله يشبع غرثة الجائعين ويروي غليل الصادئين .
وها هي رسائل ابن أبي الدنيا بين يديك من ضمن سلسلة نقدمها تباعا بإذن الله تعالى . . سائلين المولى عز وجل أن ينجح قصدنا ويوفقنا لما يحب ويرضى وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين .
الناشر