أثقالهم ويدافع الأغيار عنهم ، فما هو إلا كحمار الوحش يدجل به البلد فيطيف الناس به معجبين لتخطيط جلده وحمرهم بين أظهرهم تحمل أثقالهم لا يلتفتون إليها أولئك قوم لا خلاق لهم .
962 - ( أزهد الناس الأنبياء ) أي الرسل ومثلهم خلفاؤهم العلماء العاملون ( وأشدهم عليهم ) في إيصال الأذى والإيلام بالبذاء ( الأقربون ) منهم بنسب أو مصاهرة أو جوار أو مصاحبة أو اشتراك في حرفة أو نحو ذلك ، ولهذا نص الله سبحانه وتعالى على تخصيصهم بالإنذار بقوله * ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) * أي أنذرهم وإن لم يسمعوا قولك أو لم يقبلوا نصحك لكونهم أزهد الناس فإن ذلك ليس عذرا مسقطا للتبليغ عنك . قال ابن عساكر : وقلما كان كبيرا في عصر قط إلا وله عدو من السفلة : فلآدم إبليس ، ولإبراهيم نمروذ ، ولموسى فرعون ، وللمصطفى صلى الله عليه وسلم أبو جهل . قال المصنف : وللحسن مروان بن الحكم ، ولابن عباس نافع بن الأزرق . وهكذا . ( ابن عساكر ) في تاريخه ( عن أبي الدرداء ) وعزاه ابن الجوزي لجابر ثم حكم بوضعه وتعقبه المصنف بأن له عدة طرق منها حديث أبي الدرداء .
963 - ( أزهد الناس من لم ينس القبر ) أي موته ونزوله القبر ووحدته ووحشته ( والبلاء ) أي الفناء والاضمحلال ( وترك أفضل زينة ) الحياة ( الدنيا ) مع إمكان تحليه بها ( وآثر ما يبقى على ما يفنى ) أي آثر الآخرة وما يقرب منها من قول وعمل على الدنيا وما فيها . قال بعض الحكماء : لو كانت الدنيا من ذهب فإن والآخرة من خزف باق لاختار العاقل الباقي على الفاني . وقال : ترك أفضل زينة الدنيا ولم يقل ترك زينة توسعة في الأمر وإشارة إلى أن القليل من ذلك مع عدم شغل القلب به لا يخرج عن الزهد ( ولم يعد غدا من أيامه ) لجعله الموت نصب عينيه على توالي الأنفاس ( وعد نفسه في الموتى ) لأن التخلي عن زينة الدنيا والتحلي بقصر الأمل يوجب محبة لقاء الله ومحبة لقائه توجب محبة الخروج من الدنيا ، وهذا نهاية الزهد فيها والإعراض عنها . ثم إن من اشتراطه الزهد به ترك زينة الدنيا يشمل النساء ، إذ هي أعلى اللذات وأعظمها باتفاق العقلاء ، وليس مراد ا فتعين جعل الخبر من قبيل العام المخصوص ، أو الذي أريد به الخصوص ، فمحبة النكاح وإيثاره ليس قادحا في الأزهدية ، كيف وهو أعظم المحبوبات لخير البرية مع أمره لأمته بإكثار التناكح لإكثار التناسل ؟ وقد كان أكابر الصحابة بأعلى درجات الزهد ولم يتركوا الإكثار منهن مع ما هم عليه من ضيق العيش وقلة الرفاهية والجهادين الأصغر والأكبر ( فإن قلت ) لم لم ينبه على استثنائه في هذا الخبر ؟ ( قلت ) اتكالا على ما ظهر واشتهر من أنه بعث برفض الرهبانية التي هي شعار النصارى ، فاكتفى بذلك عن التنبيه عليه . فتدبر . ( هب عن الضحاك مرسلا ) قال قيل يا رسول الله من أزهد الناس ؟ فذكره . رمز لضعفه .