الكاملين في الفلاح الفائزين بكل خير المدركين لما طلبوا الناجين عما رهبوا . الفلاح درك البغية أو الفوز والنجاة ( وحزب رسوله ) أي اتباع الله واتباع رسوله المقربين لديه ، وكان ينبغي تأخير المفلحين عنه لكنه قدموا رعاية للفاضلة والتسجيع . وحزب الله هم المفلحون الغالبون " ألا إن حزب الله هم المفلحون " فإن حزب الله هم الغالبون . قال القاضي : وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم . وقال الراغب : جماعة فيها غلط .
إلى هنا تمام الكلام على شرح الخطبة وقد ختمها المؤلف كأكابر المحدثين بحديث النية وصيره جزءا منها ولأمر ما بديع تطابقوا على هذا الصنيع وهو أن الخلفاء الأربعة خطبوا به . فلما صلح للخطبة على المنابر صلح أن يجعل في خطب الدفاتر فكأنه قال : قصدت بجمع هذا الجامع جمع حديث المصطفى القائل : " إنما الأعمال بالنيات " فإن كنت قصدت وجه الله فسيجزيني عليه وينفع به ، أو عرضا دنيويا فسيكافئني بنيتي ، ولما صح فيه النية وأخلص الطوية نشره الله في الإسلام ونفع به الخاص والعام . قال النووي في بستانه وغيره : استحب العلماء أن تفتتح المصنفات بهذا الحديث ، وممن ابتدأ به البخاري في صحيحه ، ثم روى أعني النووي بإسناد عن ابن مهدي : من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ به ، ورواه عنه أيضا العراقي في أماليه . قال ابن الكمال : ولما كان عالم الملك تحت قهر عالم الملكوت وتسخيره لزم أن يكون لنيات النفوس وهيئتها تأثير فيما تباشره أبدانها من الأعمال ، فكل عمل بنية صادقة رحمنية عن هيئة نورانية صحبته بركة ويمن وجمعية وصفاء ، وكل عمل بنية فاسدة شيطانية عن هيئة غاسقة ظلمانية صحبة محق وشؤم وتفرقة ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم :