وقد عمد الصوفية إلى الشكر فأدخلوه في عباراتهم واعتباراتهم وجعلوه سمة لنصيب من السلوك الانساني الاجتماعي فقد ورد في كلامهم : " شكر العينين أن تستر عيبا تراه بصاحبك ، وشكر الأذنين أن تستر عيبا تسمعه فيه " . وهذا شأو عال في السلوك والأخلاق . قال الجنيد : " كان السري السقطي ، ( أي خال الجنيد ) ، إذا أراد أن ينفعني يسألني فقال لي يوما : يا أبا القاسم ، أيش الشكر ؟ فقلت : ألا يستعان بشئ من نعم الله تعالى على معاصيه ، فقال : من أين لك هذا ؟ فقلت : من مجالستك " . وفرقوا بين موقع الحمد وموقع الشكر فقالوا : " الحمد على الأنفاس والشكر على نعم الحواس " كما قالوا : " الحمد على ما دفع والشكر على ما صنع " . كذلك ميزواهم والمفسرون شكر العبد من شكر الحق ، " فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه ، وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بذكر إحسانه له . وشكر العبد على الحقيقة إنما هو نطق اللسان وإقرار القلب بإنعام الرب تعالى " . وكأنهم يتذكرون بيت الشعر الذي استشهد به الزمخشري فيفصلون أقسام الشكر فهو : " ينقسم إلى شكر باللسان وهو اعترافه بالنعمة بنعت الاستكانة ، وشكر بالبدن والأركان وهو اتصاف بالوفاق والخدمة ، وشكر بالقلب وهو اعتكاف على بساط الشهود بإدامة حفظ الحرمة . ويقال : شكر هو شكر العالمين يكون من جملة أقوالهم ، ومشكر هو نعت العابدين يكون نوعا من أفعالهم ، وشكر هو شكر العارفين يكون باستقامتهم له في عموم أحوالهم " . ولهم في باب الشكر وفي غيره نبذ لطيفه . وقد فرقوا بين الشاكر والشكور . والشكور صيغة مبالغة لاسم الفاعل