إلا أن برهان الدين البقاعي تعقبه بقوله : " إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين ، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكمه ، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه ، وذلك أنهم لا يحكمون فيها بحكم مطرد ، وإنما يديرون ذلك على القرائن " . وقد تبع الخطيب البغدادي أبو الحسن بن القطان الفاسي على اختيار الحكم للرفع أو الوصل مطلقا ، وهو ما ذهب إليه طائفة من المحدثين منهم أبو بكر البزار وعزا الإمام النووي هذا القول للمحققين من المحدثين .
ومن الأدلة ساقها الخطيب في " الكفاية " للاستدلال لما ذهب إليه : حديث أبي إسحاق " في النكاح بلا ولي " . فأورد بسنده إلى البخاري أنه سئل عن حديث أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا نكاح إلا بولي " ، فقال : الزيادة من الثقة مقبولة . وإسرائيل بن يونس ثقة ، وإن كان شعبة والثوري أرسلاه ، فإن ذلك لا يضر الحديث .
وما نسب الخطيب لأبي عبد الله البخاري من كونه مذهبه لا يسلم له : قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " والذي عرفناه بالاستقراء من صنيع البخاري أنه لا يعمل في هذه الصورة بقاعدة مطردة بل يدور مع الترجيح ، إلا إن استووا فيقدح الوصل . . . " .
وقال الحافظ في موضع آخر منه : " ويستفاد من صنيع البخاري أن الحديث إذا اختلف في وصله وإرساله حكم للواصل بشرطين :
أحدهما : أن يزيد عدد من وصله على من أرسله ، والآخر أن يحتف بقرينة تقوي الرواية الموصولة " .