إبراهيم الحربي وأبو بكر البزار فقال كلا منهما : إنه ورد من حديث أربعين من الصحابة ، وجمع طرقه في ذلك العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد فزاد قليلا : وقال أبو بكر الصيرفي شارح رسالة الشافعي : رواه ستون نفسا من الصحابة ، وجمع طرقه الطبراني وزاد قليلا ، وقال أبو القاسم بن مندة : رواه أكثر من ثمانين نفسا ، وقد أخرجها بعض النيسابوريون فزادت قليلا ، وقد جمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب ( الموضوعات ) فجاوز التسعين ، وبذلك جزم ابن دحية ، وقال أبو موسى المديني : يرويه نحو مائة من الصحابة ، وقد جمعها بعده الحافظان يوسف بن خليل وأبو علي الآمدي وهما متعاصران فوقع لكل منهما ما ليس عند الآخر ، وتحصل من مجموع ذلك كله رواية مائة من الصحابة على ما فصلته من صحيح وحسن وضعيف وساقط ، مع أن فيها ما هو في مطلق ذم الكذب عليه من غير تقييد بهذا الوعيد الخاص .
ونقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة ، ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه جماعة أنه متواتر ، ونازع بعض مشايخنا في ذلك قال : لأن شرط المتواتر استواء طرفيه وما بينهما من الكثرة ، وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها ، وأجيب بأن المراد باطلاق كونه متواترا رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر ، وهذا كاف في إفادة العلم . وأيضا فطريق أنس وحدها قد رواها عنه العدد الكثير وتواترت عنهم . نعم وحديث علي رواه عنه ستة من مشاهير التابعين وثقاتهم ، وكذا حديث ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو ، فلو قيل في كل منها إنه متواتر عن صحابيه لكان صحيحا ، فإن العدد المعين لا يشترط في المتواتر ، بل ما أفاد العلم كفى ، والصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه كما قررته في نكت علوم الحديث وفي شرح نخبة الفكر ، وبينت هناك رد على من ادعى أن مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث ، وبينت أن أمثلته كثيرة : منها حديث من بنى لله مسجدا ، والمسح على الخفين ، ورفع اليدين ، والشفاعة والحوض ورؤية الله في الآخرة ، والأمراء من قريش وغير ذلك ، والله المستعان . وأما ما نقله البيهقي عن الحاكم ووافقه الذهبي أنه