شياطينهم ) يعني : وإذا ذهبوا وخلصوا إلى شياطينهم . . . ، فضمن ( خلو ) معنى : انصرفوا لتعديته ب « إلى » ليدل على الفعل المضمر والفعل الملفوظ به . ومنهم من قال : « إلى » هنا بمعنى « مع » . والأول أحسن ، وعليه يدور كلام ابن جرير » [ رحمه الله ] . ا . ه قال الحافظ - رحمه الله تعالى - في « الفتح » ( 8 / 161 ) : « والنكتة في تعدية ( خلو ) ب « إلى » مع أن أكثر ما يتعدى بالباء ، أن الفعل الذي يتعدى بالباء « يحتمل » الانفراد والسخرية ، تقول : خلوت به ، إذا سخرت منه ، والذي يتعدى ب « إلى » « نص » في الانفراد ، أفاد ذلك الطبري » ا . ه [ رحمه الله تعالى ] . قال ابن كثير - رحمه الله - : « إلى شياطينهم من يهود ، الذين يأمرونهم بالتكذيب وخلاف ما جاء به الرسول » قاله ابن عباس [ رضي الله عنهما ] وقال مجاهد : شياطينهم : أصحابهم من المنافقين والمشركين » . قال ابن جرير : « وشياطين كل شئ : مردته . ويكون الشيطان من الإنس ، كما قال تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) . وفي « المسند » عن أبي ذر [ رضي الله تعالى عنه ] قال قلت : يا رسول الله وللإنس شياطين ؟ قال : « نعم » ا . ه قلت : وفي كونه من الإنس وبال أشد وخطر أكبر وكيد أعظم . ألم تر إلى تقديم ذكره في الآية على نظيره من الجنس الآخر . أما شيطان الجن فقد وقاك الله شره وجنبك خطره وعلمك كيف تتقى ضرره بأن - فقط - تتعوذ بجلال الله ذي الجلال والإكرام منه ، لكي يزول من طريقك أثره ، بخلاف الآخر الإنسي الذي إن تولاك أو توليته ، فإنه لا يزال بك يفتلك في الذروة والغارب ، حتى يوقعك فيما يرديك ، ويوردك موارد الهلكة ومصارع السوء . نعوذ بالله تعالى من ذلك ، ونسأله العصمة في كل ما نأتي من الأمر