فإنها تحبط مما تقدمها من الطاعات بقدرها وحتى ارتقى بعضهم إلى أصل الإيمان غير أنه لا يقول بالتخليد وأمره موكول إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه برحمته أو بشفاعة الشافعين وإن شاء عاقبه بذنوبه ثم أدخله الجنة برحمته واحتج بعض من قال بقولهم بقول الله عز وجل يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول الآية إنما أراد بذلك أن رفع الصوت فوق صوته يقع معصية فيخرج إيمان الواقع ويحبط بعض عمله واحتج أيضا بقوله يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى قال الحليمي رحمه الله تعالى وقد يخرج هذا على غير ما قاله المحتج به وهو أن يكون المعنى لا يحملنكم أيها المهاجرون هجرتكم معه ولا أيها الأنصار إيواؤكم إياه على أن تضيعوا حرمته وترفعوا أصواتكم فوق صوته فتكونوا بذلك صارفين ما تقدم منكم من الهجرة والإيواء والنصرة عن ابتغاء وجه الله به إلى غرض غيره ووجه سواه فلا تستوجبوا به مع ذلك أجرا ويخرج على وجه آخر وهو أن يقال لا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض الحجرات 2 فإن ذلك قد يبلغ بكم حد الازراء به والاستخفاف له فتكفروا وتحبط أعمالكم إلا أن تتوبوا وتسلموا وكذلك قوله « لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى » فليس على أن المن يحبط الصدقة وإنما وجهه أن الصدقة يبتغى بها وجه الله تعالى جده وهو المأمول منه ثوابها فإذا من المتصدق على السائل وآذاه بالتعيير فقد صرفها عن ابتغاء وجه الله تعالى بها إلى وجه السائل فحبط أجره عند الله لهذا فضلت عند المتصدق عليه مع ذلك لأنه إن كان حباه