2 - شرح نهج البلاغة وقد تصدر لشرح كتاب " نهج البلاغة " كثيرون من العلماء والفضلاء ، ذكر السيد هبة الله شهرستاني [1] أنها تنوف على الخمسين شرحا ، ما بين مبسوط ومختصر ، منهم أبو الحسين البيهقي ، والامام فخر الدين الرازي ، والقطب الراوندي ، وكمال الدين محمد ميثم البحراني ، من المتقدمين ، والشيخ محمد عبده ومحمد نائل المرصفي من المتأخرين . . .
ولكن أعظم هذه الشروح وأطولها ، وأشملها بالعلوم والآداب والمعارف وأملؤها ، هو شرح عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني ، صنفه برسم خزانة مؤيد الدين أبى طالب محمد بن أحمد بن العلقمي ، وزير المستعصم بالله ، آخر ملوك العباسيين . " كان من فضلاء الشيعة وأعيانهم ببغداد ، مائلا للآداب مقربا للأدباء ، وكانت له خزانة كتب فيها عشرة آلاف مجلد من نفائس الكتب " [2] .
شرع في تأليفه في غرة شهر رجب من سنة أربع وأربعين وستمائة ، وأئمة في آخر سلخ صفر من سنة تسع وأربعين وستمائة ، فقضى أربع سنين وثمانية أشهر ، وكانت كما يقول : " مقدار مدة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام " ، وكسره على عشرين جزءا .
ولما فرغ من تصنيفه أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبى المعالي ، فبعث إليه بمائة دينار وخلعة سنية وفرس ، فكتب إلى الوزير :
أيا رب العباد رفعت ضبعي * وطلت بمنكبي وبللت ريقي وزيغ الأشعري كشفت عنى * فلم أسلك بنيات الطريق