كلها ، فلا إفراط ولا تفريط ، ولا ادعاء ، ولا رياء ، فكان بذلك فيصل الحق عن الباطل في عصره وما بعده ، يتقيد بالسنة فيحييها ، ويعطيك منهاج حياة العالمين في كتاب من أحاديث سيد المرسلين .
وصلتي بكتاب ( رياض الصالحين ) قديمة ، فقد طالعته صغيرا تبركا واقتباسا مما فيه من الهدى ، وأنا طالب مادة دراسية مقررة في كلية الآداب بجامعة دمشق ، وشرحته في مواطن عديدة ، منها دار الحديث النووية الشرعية بدمشق ، حين كنت فيها مدرسا للغة العربية في مطلع حياتي التدريسية ، فأفاد منه الجميع ، علما وعملا ودينا وسلوكا ، ولا سيما طلاب دار الحديث ، إذ ساعدهم في القيام بأمر الخطابة الدينية ، إحدى المواد الدراسية التي يطالبون بها في امتحاناتهم العامة .
غير أنه لم يكن ليخطر ببالي أن أسهم في تحقيق بعض كتب النووي ، ولما قمت بتحقيق كتابه ( الترخيص بالقيام لذوي الفضل والمزية من أهل الاسلام ) ، رغبت إلي دار الفكر تحقيق كتابيه ( الأذكار ) و ( رياض الصالحين ) ، فأنجزت الأذكار وصار إلى أيدي الناس .
وتلكأت بادئ ذي بدء في تحقيق ( رياض الصالحين ) لكثرة من حققوه قبلي ونشروه ، ولظني أني لن آتي فيه بجديد عما سبق ، وإدارة دار الفكر تحثني وتطلب إلي العمل والانجاز ، لما تأمل في إعادة التحقيق من فوائد جمة ينتفع بها القراء .
ثم استخرت الله تعالى أمام إصرار الدار الناشرة في الاستجابة والقيام بالمطلوب ، وما لبثت أن شرح الله صدري لذلك ، فشمرت عن ساعد الجد ، واطلعت على كثير من النسخ المخطوطة والمطبوعة للكتاب ، ورجعت إلى كتب السنة الأمهات التي أشار إليها المصنف في نهاية كل حديث ، فوجدت أن في إعادة التحقيق فائدة كبرى لا يمكن إهمالها ، ولا سيما أن لكل مطبوع هدفا ومنهجا خاصا يلتزمهما إيجازا أو تطويلا ، وقد وقع سواء في المتن أو في الشرح والتعليق ببعض المآخذ ، فحاولت والله المستعان ، في كتابي هذا الذي سميته ( كنوز الباحثين في شرح رياض الصالحين ، من