وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ في علوم القرآن والحديث وأصول الدين والفقه وأصوله واللغة العربية ببلاغتها وصرفها وكتاب سيبويه وإصلاح المنطق وتراجم الرجال وغيرها .
وقد خطر له الاشتغال بالطب ، وهم به ، غير أن الله تعالى صرفه عنه .
تولى التدريس بدار الحديث الأشرفية ( وتقع اليوم في سوق العصرونية ) بدمشق عام 665 ه ، وأقام فيها ، غير أنه امتنع عن أخذ أي شئ من معلومها الوافر حتى توفي ، رحمه الله ، بل إنه كان يجمع كل عام عند ناظر المدرسة ما يخصه ، ويشتري به في نهاية العام كتبا يهديها ويوقفها على خزانة المدرسة ، وقد رأى محقق هذا الكتاب بعضها ، وعليها خط النووي أو تعليقاته عليها ، في مكتبة دار الحديث الشرعية بدمشق ، عندما كان مدرسا للغة العربية فيها .
ولم يأخذ النووي من غير دار الحديث شيئا . وقد حج مرتين إحداهما مع والده عام 651 ه وعاد منهما إلى دمشق .
وفي سنة 676 ه . قفل راجعا إلى نوى بعدد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف إليها ، وزار مقبرة شيوخه ، فقرأ ودعا وبكى ، وزار أصحابه الاحياء وودعهم ، وبعد أن زار والده زار القدس والخليل ، ثم عاد إلى نوى ، فمرض بها ، وتوفي رحمه الله في ليلة الأربعاء 24 رجب 676 ه ، فارتجت دمشق لنبأ نعيه . ورثاه جماعة بأكثر من ست مئة بيت .
أخلاقه :
كان النووي علما في العلم والزهد والتقى ي شديد الورع في مأكله ومشربه وملبسه ، فطعامه جلف الخبز بأيسر إدام ، ولباسه ثوب خام وسختيانة لطيفة . وكان لا يأكل من فاكهة دمشق لكثرة أوقافها ورعاية لحق القاصرين من أصحاب الاملاك فيها .
وقالوا : إنه لم يتزوج وكان لا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة ، ولا يشرب