غالبا ، حتى الأحاديث المتواترة ، وهم لم يذكروا كلام المصححين ، بل قلدوا كلام المكذبين بأن أبا الصلت وضعه ، وأن كل من رواه غيره فقد سرقه منه ، وهي دعوى عموم بالتوهم والتظنن ، ترجع إلى الشهادة بعدم العلم ، ثم أثموا بإعلان الوضع لمتن الحديث . على أن قاعدة تقديم الجرح على التعديل فيها تحفظات ، تعرفها من كلامنا في المبسوط إن شاء الله . وأما الذهبي رحمه الله فقد غطى تعصبه عينيه عن إدراك الحق ، كما شرحنا ذلك في الرد عليه في المسلك المبسوط ، فهو ينفي ويعتصم بالنفي وكفى . فمن ركب ظهر الهول كالحافظ المذكور وشيخه الحافظ ابن تيمية ، فلا حيلة فيهما إلا التنكب عن طريقهما ، وتركهما وما يهويان . على أن الحافظ ابن تيمية رحمه الله قال في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم : إن أكثر الجهل إنما يقع في النفي لا في الاثبات ، لان إحاطة الانسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه ، وهذا كلام مستقيم نقدمه أولا للحافظين المذكورين أعني ابن تيمية والذهبي . فأما الموافق للقواعد هو أن يأخذ الحفاظ المتأخرون بقول من وفقه الله من الحفاظ لحيازة المتابعة أو المتابعات من طريق الثقات ، فالاعتماد على الثقة أو الثقات في المتابعات وبقية المتابعات من الضعفاء والمضعفين معتضد بها ، فإن كانت واهية فتسقط ، ويستقيم الحديث صحيحا برواية الثقات . فمن يتعصب ويخالف القواعد فقد كان خليقا أن لا يثق الناس بكلامه .