والكذب وقذف المحصنات ، وهجاء الأبرياء ، والمغالاة في الذم والمدح بما ليس موجودا في الممدوح أو المذموم ، ومخالفة القصد ، والظلم والجور ، وأيقاظ النعرات وتفريق الجماعات وإذكاء روح العداوة ، إلى غير ذلك من مفاسد جمعها البيان الإلهي في الآية السابقة أدركنا سبب هذه المبالغة في ذم الشعر .
وهي مبالغة لم تقع على الشعر لذاته وإنما وقعت عليه لنتائجه ، فالشعر في الاسلام ليس يكره لذاته وإنما يكره لمتضمناته ، وقد كان عند العرب عظيم الموقع حتى قال قائلهم : ( وجرح اللسان كجرح اليد ) ، والشعر كما جاء في النصوص الصحيحة كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح مع تميزه عن الكلام العادي بسيرورته وبقائه ، لذلك جرت علي الشعر عند خروجه على القصد أحكام فقهية أشار إليها الامام الشافعي وابن قدامة وغيرهما من الفقهاء فردت شهادة الشاعر الذي يهجو المسلمين فيؤذيهم ، ويكثر من إيذائهم ، والذي يمدح فيكثر الكذب المحض في مدحه ، ومن يمشي بالوقيعة والنميمة بين المسلمين ويستعلن بذلك ، ومن يفسق ويفجر بالتسبيب بامرأة معينة لا تحل له ، ويكثر ذلك ويشهره .
- والقسم الثاني من الشعر هو ما يمكن أن نسميه شعرا رحمانيا ، وشعراؤه ملتزمون ، وهو الواقع تحت قوله تعالى : * ( ألا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ) * ، فهو المستثنى من القسم الأول ، وينضوي تحته أكثر نصوص هذا الكتاب ، وفيه حض من الله تعالى للشعراء المؤمنين على قول