يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل ما لم تكن موضوعة فكأنه يقول لهم : إذا رأيتم ذلك فينبغي أن تنتقدوا بهذه الشروط ، وهذا كما فعلته أنا في هذه القاعدة ، والحافظ لم يصرح بأنه معهم في الجواز بهذه الشروط ، ولا سيما أنه أفاد في آخر كلامه أنه على خلاف ذلك كما بينا . وخلاصة القول أن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال لا يجوز القول به على التفسير المرجوح ، إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه ، ولا بد لمن يقول به أن يلاحظ بعين الاعتبار الشروط المذكورة وأن يلتزمها في عمله ، والله الموفق . ثم إن من مفاسد القول المخالف لما رجحناه أنه يجر المخالفين إلى تعدي دائرة الفضائل إلى القول به في الأحكام الشرعية ، بل والعقائد أيضا ، وعندي أمثلة كثيرة على ذلك ، لكني أكتفي منها بمثال واحد . فهناك حديث يأمر بأن يخط المصلي بين يديه خطا إذا لم يجد سترة ، ومع أن البيهقي والنووي هما من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازا العمل به خلافا لإمامهما الشافعي ، وسيأتي مناقشة قولهما في ذلك عند الكلام على الحديث المذكور . ومن شاء زيادة بيان وتفصيل في هذا البحث الهام فليراجع مقدمة " صحيح الترغيب " ( 1 / 16 - 36 ) .