لابد أن يأتي بدليل ، وهيهات ! الثاني : أنني أفهم من قولهم : " . . . في فضائل الأعمال " ، أي الأعمال التي ثبتت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعا ، ويكون معه حديث ضعيف ، يسمى أجرا خاصا لمن عمل به ، ففي مثل هذا يعمل به في فضائل الأعمال ، لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يرجى أن يناله العامل به . وعلى هذا المعنى حمل القول المذكور بعض العلماء كالشيخ علي القاري رحمه الله ، فقال في " المرقاة " ( 2 / 381 ) : " قوله : إن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل وإن لم يعتضد إجماعا كما قاله النووي ، محله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة " . وعلى هذا ، فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذي فيه بغيره مما تقوم به الحجة ، ولكني أعتقد أن جمهور القائلين بهذا القول لا يريدون منه هذا المعنى مع وضوحه ، لأننا نراهم يعملون بأحاديث ضعيفة لم يثبت ما تضمنته من العمل في غيره من الأحاديث الثابتة ، مثل استحباب النووي وتبعه المؤلف إجابة المقيم في كلمتي الإقامة بقطه : " أقامها الله وأدامها " ، مع أن الحديث الوارد في ذلك ضعيف كما سيأتي بيانه ، فهذا قول لم يثبت مشروعيته في غير هذا الحديث الضعيف ، ومع ذلك فقد استحبوا ذلك مع أن الاستحباب حكم من الأحكام الخمسة التي لا بد لإثباتها من دليل تقوم به الحجة ، وكم هناك من أمور عديدة شرعوها للناس واستحبوها لهم إنما شرعوها بأحاديث ضعيفة لا أصل لما تضمنته من العمل في السنة الصحيحة ، ولا يتسع المقام لضرب الأمثلة على ذلك وحسبنا ما ذكرته من هذا المثال ، وفي الكتاب أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه عليها في مواطنها إن شاء الله .