قوله في تغيير الشيب بالحناء : " قلت : وقد ورد ما يفيد كراهية الخضاب " . قلت : لم أجد للمؤلف في هذه الدعوى سلفا ، ولا علمت لها أصلا ، ولعله يعني ورود ذلك عن الصحابة ، والذي نقله الشوكاني عنهم في " النيل " ( 1 / 103 ) إنما هو الاختلاف في الأفضل ، وليس الكراهة ، وعلى افتراض أنه روي ذلك عن أحد منهم ، فلا حجة فيه ، لأمرين : الأول : أن الصحابة لم يتفقوا على ذلك ، بل منهم من خضب كالشيخين رضي الله عنهما ، وهو في " صحيح مسلم " وغيره ، ومنهم من ترك ، والترك لا يدل على كراهة الخضاب ، بل على جواز تركه . الثاني : أنه مخالف للثابت عنه في قولا وفعلا . أما القول فقد ذكر المصنف فيه حديثين . وأما الفعل ، ففي " صحيح البخاري " وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها أخرجت من شعر النبي ( ص ) مخضوبا . وفي معناه أحاديث أخرى بوب لها الترمذي في " الشمائل المحمدية " : " باب ما جاء في خضاب رسول الله ( ص ) " ، فراجعها إن شئت في كتابي " مختصر الشمائل " ( 41 / 37 - 41 ) . وإن كان يعني ورود ذلك عن النبي ( ص ) كما هو المتبادر ، فنقول : إن كان يريد مطلق الورود - أعني سواء كان صحيحا أو ضعيفا ، فمسلم . وإن كان يريد الصحيح كما هو المتبادر من عبارته ، فمردود ، لأن غاية ما روي في ذلك حديثان : أحدهما ضعيف ، والآخر لا أصل له . أما الأول ، فحديث عبد الرحمن بن حرملة أن ابن مسود كان يقول : " كان نبي الله ( ص ) يكره عشر خلال : الصفرة يعني الخلوق ، وتغيير الشيب