ومن ( السترة أمام المصلي ) قوله في حكمها : " يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه سترة . . . " . أقول : القول بالاستحباب ينافي الأمر بالسترة في عدة أحاديث ذكر المؤلف أحدها ، وفي بعضها النهي عن الصلاة إلى غير سترة ، وبهذا ترجم له ابن خزيمة في " صحيحه " ، فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعا : " لا تصل إلا إلى سترة . . . " . وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود ، كما صح ذلك في الحديث ، ولمنع المار من المرور بين يديه ، وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة ، وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 3 / 2 ) ، و " السيل الجرار " ( 1 / 176 ) ، وهو الظاهر من كلام ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 8 - 15 ) . قوله تحت رقم 1 - : " وعن أبي هريرة قال : قال أبو القاسم ( ص ) : " إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا ، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا ، فإن لم يكن من عصا فليخط خطأ ، ولا يضره ما مر بين يديه " . رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وصححه ، كما صححه أحمد وابن المديني ، وقال البيهقي : لا بأس بهذا الحديث في هذا الحكم إن شاء الله " . قلت : الحديث ضيف الإسناد لا يصح ، وإن صححه من ذكرهم المؤلف ، فقد ضعفه غيرهم ، وهم أكثر عددا ، وأقوى حجة ، ولا سيما وأحمد قد اختلفت الرواية عنه فيه ، فقد نقل الحافظ في " التهذيب " عنه أنه قال : " الخط ضعيف " . وذكر في " التلخيص " تصحيح أحمد له نقلا عن " الاستذكار " لابن عبد البر ، ثم عقب على ذلك بقوله : " وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم " .