والمؤلف كأنه لم ينتبه لهذا كله ، فجرى في كثير من الأحاديث على تصحيحها لمجرد قول البعض فيها ذلك القول ، وسنرى في تضاعيف التعليق التنبيه على ذلك . ثم زدت هذه القاعدة بيانا في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " ( ص 39 - 46 ) فراجعه فإنه مهم . القاعدة السابعة عدم الاعتماد على سكوت أبي داود اشتهر عن أبي داود أنه قال في حق كتابه " السنن " : " ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته ، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح " . فاختلف العلماء في فهم مراده من قوله : " صالح " فذهب بعضهم إلى أنه أراد أنه حسن يحتج به . وذهب آخرون إلى أنه أراد ما هو أعم من ذلك ، فيشمل ما يحتج به ، وما يستشهد به ، وهو الضيف الذي لم يشتد ضعفه . وهذا هو الصواب بقرينة قوله : وما فيه وهن شديد بينته ، فإنه يدل بمفهومه على أن ما كان فيه وهن غير شديد لا يبين " . فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه حسنا عنده ، ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها ، وهي مما سكت أبو داود عليها ، حتى إن النووي يقول في بعضها : وإنما لم يصرح أبو داود بضعفه لأنه ظاهر " .