قوله في الاستعاذة : " وقال ابن المنذر : جاء عن النبي ( ص ) أنه كان يقول قبل القراءة : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . قلت : لم أقف على هذا في شئ من كتب السنة المعروفة ، الا ما في " مراسيل أبي داود " عن الحسن أن رسول الله ( ص ) كان يتعوذ ، فذكره . وهذا مع ضعفه لأنه من مراسيل الحسن البصري ، فليس فيه أن هذه الصيغة كانت في الصلاة ، فالأفضل أن يستعيذ بما في حديث جبير بن مطعم ، وأن يزيد أحيانا : " السميع العليم " ، كما ورد في بعض الأحاديث مثل حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود والترمذي وغيرهما بسند حسن ، وهما مخرجان في " الارواء " ( 342 ) . ولم يذكر البيهقي في الباب غيرهما . قوله في مشروعية الاستعاذة في الركعة الأولى دون سائر الركعات : " الأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة ، وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط " . قلت : السنة المشار إليها ليست صريحة فيما ذكره المؤلف ، لان قول أبي هريرة في حديثه المذكور في الكتاب : " ولم يسكت " ، ليس صريحا في أنه أراد مطلق السكوت ، بل الظاهر أنه أراد سكوته السكتة المعهودة عنده ، وهي التي فيها دعاء الاستفتاح المتقدم في الكتاب ( ص 266 ) ، وهي سكتة طويلة ، فهي المنفية في حديثه هذا ، وأما سكتة التعوذ والبسملة فلطيفة لا يحس بها المؤتم لاشتغاله بحركة النهوض للركعة ، وكان الامام مسلما رحمه الله أشار إلى ما ذكرنا من أن السكتة المنفية في هذا الحديث هي المثبتة في حديث أبي هريرة المتقدم ، فإنه ساق الحديث المشار إليه ، ثم عقبه بهذا ، وكلاهما عن أبي هريرة ، والسند إليه واحد ، فأحدهما متمم للآخر حتى لكأنهما حديث واحد ، وحينئذ يظهر أن الحديث