ومن ( شروط الصلاة ) قوله في بحث ستر العورة بعد أن ساق أدلة الفريقين : " وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين ، وإن كان الأحوط أن يستر المصلي ما بين سرته إلى ركبته ما أمكن . . " . قلت : فيه أمور لا بد من تحرير القول فيها : الأول : أن الأخذ بالأحوط ليس بالأمر الواجب ، ط نما هو من باب الورع ، وليس كل مكلف يرغب أن يكون ورعا كما لا يخفى . الثاني : أن المؤلف قيد ذلك بالصلاة ، فمفهومه أن ذلك ليس من الأحوط خارج الصلاة ، وفيه ما سيأتي بيانه . الثالث : أن الاختيار الذي أشار إليه ينبغي أن يكون قائما على قواعد علم أصول الفقه ، لكي لا يكون الاختيار كيفيا تابعا للعادات والأهواء . ومن الواضح لدى كل ناظر في الأدلة التي ساقها المؤلف أن أدلة القائلين بأن الفخذ ليس بعورة فعلية من جهة ، ومبيحة من جهة أخرى . وأدلة القائلين بأنه عورة قولية من جهة ، وحاظرة من جهة أخرى . ومن القواعد الأصولية التي تساعد على الترجيح بين الأدلة والاختيار بعيدا عن الهوى والغرض قاعدتان : الأولى : الحاضر مقدم على المبيح . والأخرى : القول مقدم على الفعل لاحتمال الخصوصية وغيرها ، مع أن الفعل في بعض الأدلة المشار إليها لا يظهر فيها أنه كان مقصودا متعمدا كحديث أنس وأثر أبي بكر . أضعف إلى ذلك أنها وقائع أعيان لا عموم لها ، بخلاف الأدلة القولية ، فهي شريعة عامة ، وعليها جرى عمل المسلمين سلفا وخلفا ، بحيث لا