بحال تفضيل النبي ( ص ) صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ، ولم يقل : لا تجزي المنفرد صلاته ، وأنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة ، فصلوا بعلمه منفردين ، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا ، وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاؤوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا ، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد ، فصلى كل واحد منهم منفردا ، وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين " . وما علقه الشافعي عن الصحابة قد جاء موصولا عن الحسن البصري قال : " كان أصحاب محمد ( ص ) إذا دخلوا المسجد وقد صلي فيه صلوا فرادى " . رواه ابن أبي شيبة ( 2 / 223 ) . وقال أبو حنيفة : " لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب " . ونحوه في " المدونة " عن الإمام مالك . وبالجملة ، فالجمهور على كراهة إعادة الجماعة في المسجد بالشرط السابق ، وهو الحق ، ولا يعارض هذا الحديث المشهور : " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " ، وسيأتي في الكتاب ( ص 277 ) ، فإن غاية ما فيه حض الرسول ( ص ) أحد الذين كانوا صلوا معه ( ص ) في الجماعة الأولى أن يصلي وراءه تطوعا ، فهي صلاة متنفل وراء مفترض ، وبحثنا إنما هو في صلاة مفترض وراء المفترض ، فاتتهم الجماعة الأولى ، ولا يجوز قياس هذه على تلك لأنه قياس مع الفارق من وجوه : الأول : أن الصورة الأولى المختلف فيها لم تنقل عنه ( ص ) لا إذنا ولا تقريرا مع وجود المقتضى في عهده ( ص ) ، كما أفادته رواية الحسن البصري .