الثالث : عن حذيفة مرفوعا : قال البيهقي : " تفرد به بحر بن كنيز وهو متروك لا يحتج به " . فأنت ترى أن هذه الأحاديث شديدة الضعف ، فلا ينجبر ضعفها بمجموعها ، كما هو معلوم عند الشوكاني وغيره ، فلا أدري ما الذي حمله على المخالفة ؟ ! قوله تحت رقم 4 - : " ويرى الأحناف أن مس الذكر لا ينقض الوضوء ، لحديث طلق أن رجلا سأل النبي ( ص ) عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء ؟ فقال : لا ، إنما هو بضعة منك . رواه الخمسة ، وصححه ابن حبان " . قلت : قوله ( ص ) : " إنما هو بضعة منك " ، فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة ، لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم ، بخلاف ما إذا مسه بشهوة ، فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر ، لأنه لا يقترن عادة بشهوة ، وهذا أمر بين كما ترى ، وعليه فالحديث ليس دليلا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقا لا ينقض الوضوء ، بل هو دليل لمن يقول بأن المس بغير شهوة لا ينقض ، وأما المس الشهوة فينقض ، بدليل حديث بسرة ، وبهذا يجمع بين الحديثين ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر . والله أعلم .