( مثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا وإن مثل المؤمن مثل القطعة الجيدة من الذهب أدخلت النار فنفخ عليها فخرجت جيدة ) . قال أبو محمد : هذا مثل للمؤمن في صحة عقده وعهده وسره وعلانيته وسائر أحواله ، ومثل بالنحلة تارة وبالقطعة من الذهب تسبك فيعود وزنها مثله قبل سبكها لصفائها وخلوص جوهرها ، لأن الخالص من الذهب لا يحمل الخبث ولا يقبل الصدأ ولا تنقصه النار ولا يغيره مرور الأوقات ، وكذلك المؤمن في حال منشطه ومكرهه وعسره ويسره على بينة من ربه ويقين من أمره لا ينقصه الاختبار ولا يزيله عن إيمانه ويقينه تفرق الأحوال . والذهب أسنى الجوهر وأشرفه ، ويقال للشيء في بلوغ الغاية في تفضيله وشرفه وخطره : كأنه الإبريز الخالص . وما هو إلا الذهب الأحمر . وقال بعض الشعراء : كالخالص الإبريز إن لم تجله * فجلاؤه فيه وإن صحب الأبد لا يستحيل على الليالي لونه * أنى وجوهره شهاب يتقد وقال آخر : لا يعلق العار جنبي إن رميت به * نأيت عنه كما لا يصدأ الذهب وحدثني عبدان بن أحمد بن أبي صالح صاحب التفسير عن عمرو بن محمد الزنبقي البصري عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال : من أحب أن ينظر إلى رجل صيغ من ذهب فلينظر إلى الخليل بن أحمد ثم أنشأ يقول : قد صاغه الله من مسك ومن ذهب * وصاغ راحته من عارض هطل والنحلة كريمة تغتذي بألطف الغذاء وأشرف ما يغتذي به ذو حياة ، وتمج العسل وهو أطيب طعام وأعذبه ، وإليه المثل في الحلاوة التي هي أعجب الطعوم مذاقا وأفضلها مأكولا ومشروبا ، وأوقعها من النفوس مواقع الغاية ويقال إنها بإذن الله