نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 160
بأنفسكم لا محالة ؟ أو [ من ] ضربة كف بالسيف تستبدلون الدنيا بالآخرة ، ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار القرار ؟ ما هذا بالرأي [ السديد ] . ثم مضى وقال : يا إخواني إني قد بعت هذه الدار الدنيا بالدار الآخرة التي أمامها وهذا وجهي إليها فلا تبرح وجوهكم ولا يقطع الله رجاءكم . فتبعه إخوته وقالوا : لا نطلب رزقا بعدك قبح الله العيش بعدك ، اللهم إنا نحتسب عندك أنفسنا . فاستقدموا فقاتلوا ، فقتلوا رحمهم الله . وذكروا أن رجلين تخاصما عند معاوية لعنه الله في قتل عمار فقال أحدهما : أنا قتلته . وقال الآخر : أنا قتلته . فقال عبد الله بن عمرو بن العاصي : إنما تختصمان أيكما يدخل النار ! ! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قاتل عمار في النار [1] . وذكروا أن غلاما من أهل الشام قاتل يوم صفين قتالا شديدا [2] فقال له بعض أصحاب علي : يا فتى هل أهمك أمر هذا الدين قط ؟ وأمر هذه الأمة ؟ فقال : لا والله لا أقول باطلا ما أهمني . قال : فعلام تقاتل ؟ قال : إن أصحابي يخبروني أن صاحبكم لا يصلي ! قال له : وكيف يقولون ذلك وهو أول من صلى وأجاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهدى وأصحابه الفقهاء والقراء . فرجع الفتى إلى أصحابه وخرق الصف ، فقال له أصحابه : خدعك العراقي ؟ قال : لا والله ولكن نصح لي . فقد تعلمون عند التدبر في أمور من خالفه [3] أنها موضوعة على الكذب والغدر وطلب الدنيا وتعمد الخطاء .
[1] والقصة مروية في مصادر كثيرة بأسانيد مختلفة ، وذكرها أيضا الطبري في عنوان : " مقتل عمار " من حوادث سنة ( 37 ) من تاريخه : ج 6 ص 23 . والقصة ذكرها أيضا نصر بن مزاحم تفصيلا في أول الجزء السادس من كتاب صفين ص 354 . [2] ورواه أيضا الطبري في عنوان : " خبر هاشم بن عتبة . . وليلة الهرير " من تاريخه : ج 6 ص 23 قال : فإنهم لكذلك إذ خرج عليهم شاب فتى وهو يقول : أنا ابن أرباب الملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان إني أتاني خبر فأشجان * إن عليا قتل ابن عفان ثم [ جعل ] يشد فلا ينثني حتى يضرب بسيفه ، ثم يشتم ويلعن ويكثر الكلام ! فقال له هاشم بن عتبة : يا عبد الله إن هذا الكلام بعده الخصام ، وإن هذا القتال بعده الحساب ، فاتق الله فإنك راجع إلى الله فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به . قال [ الشاب ] : فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي وأنتم لا تصلون أيضا ! ! وأقاتلكم لأن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم أردتموه على قتله ! ! ! . فقال له هاشم : وما أنت وابن عفان ؟ إنما قتله أصحاب محمد وأبناء أصحابه وقرأه الناس حين أحدث الأحداث ، وخالف حكم الكتاب ، وهم أهل الدين وأولى بالنظر في أمور الناس منك ومن أصحابك ، وما أظن أمر هذه الأمة ، وأمر هذا الدين أهمك طرفة عين ؟ ! . فقال له أجل والله لا أكذب فإن الكذب يضر ولا ينفع . قال : فإن أهل هذا الأمر أعلم به فخله وأهل العلم به . قال [ الشاب ] : ما أظنك والله إلا نصحت لي . [ ثم ] قال [ هاشم ] : وأما قولك : إن صاحبنا لا يصلي ! ! فهو أولى من صلى ، وأفقه خلق الله في دين الله ، وأولى [ الناس ] بالرسول . وأما من ترى معي فكلهم قارئ لكتاب الله ، لا ينام الليل تهجدا ، فلا يغوينك عن دينك هؤلاء الأشقياء المغرورون . فقال الفتى : يا عبد الله إني أظنك امرءا صالحا فتخبرني هل تجد لي من توبة ؟ فقال [ هاشم ] : نعم يا عبد الله تب إلى الله يتب عليك ، فإنه يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات ويحب المتطهرين . فجشر والله الفتى الناس راجعا ، فقال له رجل من أهل الشام : خدعك العراقي خدعك العراقي . قال : لا . ولكن نصح لي . أقول : والقصة ذكرها أيضا بالتفصيل نصر بن مزاحم في أول الجزء السادس من كتاب صفين ص 354 طبع مصر . [3] هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : " عند التدبير لأمور من خالفه " .
نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 160