عثمان فصلى بالناس ، ثم قام على المنبر فقال : يا هؤلاء العدى ، الله الله ! فوالله ، إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، فامحوا الخطايا بالصواب ، فإن الله عز وجل لا يمحو السيء إلا بالحسن . فقام محمد بن مسلمة ، فقال : انا اشهد بذلك ، فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده ، فقام زيد بن ثابت فقال : ابغني الكتاب ، فثار عليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده ، وقال فأفظع ، وثار القوم بأجمعهم ، فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد ، وحصبوا عثمان حتى صرع على المنبر مغشيا عليه ، فاحتمل فأدخل داره . وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن يساعدهم إلا في ثلاثة نفر ، فإنهم كانوا يراسلونهم : محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة ، وعمار بن ياسر . وشمر أناس من الناس فاستقتلوا ، منهم سعد بن مالك ، وأبو هريرة ، وزيد بن ثابت ، والحسن بن علي ، فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا ، فانصرفوا . وأقبل علي عليه السلام حتى دخل على عثمان ، وأقبل طلحة حتى دخل عليه ، وأقبل الزبير حتى دخل عليه ، يعودونه من صرعته ، ويشكون بثهم ، ثم رجعوا إلى منازلهم . وقد سأل أبو عمر الحسن هل شهدت حصر عثمان ؟ قال : نعم ، وأنا يومئذ غلام في أتراب لي في المسجد ، فإذا كثر اللغط جثوت على ركبتي أو قمت ، فأقبل القوم حين أقبلوا حتى نزلوا المسجد وما حوله ، فاجتمع إليهم أناس من أهل المدينة يعظمون ما صنعوا . وأقبلوا على أهل المدينة يتوعدونهم ، فبينا هم كذلك في لغطهم حول الباب فطلع عثمان ، فكأنما كانت نارا طفئت ، فعمد إلى المنبر ، فصعده ، فحمد الله وأثنى عليه ، فثار رجل ، فأقعده رجل ،