وأوى مروان بن الحكم إلى أهل بيت من عنزة يوم الهزيمة ، فقال لهم : اعلموا مالك بن مسمع بمكاني ، فأتوا مالكا فأخبروه بمكانه ، فقال لأخيه مقاتل : كيف نصنع بهذا الرجل الذي قد بعث إلينا يعلمنا بمكانه ؟ قال : أبعث ابن أخي فأجره والتمسوا له الأمان من علي ، فإن آمنه فذاك الذي نحب ، وإن لم يؤمنه خرجنا به وبأسيافنا ، فإن عرض له جالدنا دونه بأسيافنا ، فإما أن نسلم ، وإما أن نهلك كراما . وقد استشار غيره من أهله من قبل في الذي استشار فيه مقاتلا فنهاه ، فأخذ برأي أخيه ، وترك رأيهم ، فأرسل إليه فأنزله داره ، وعزم على منعه إن اضطر إلى ذلك ، وقال : الموت دون الجوار وفاء ، وحفظ لهم بنو مروان ذلك بعد ، وانتفعوا به عندهم ، وشرفوهم بذلك ، وأوى عبد الله بن الزبير إلى دار رجل من الأزد يدعى وزيرا ، وقال : إئت أم المؤمنين فأعلمها بمكاني ، وإياك أن يطلع على هذا محمد بن أبي بكر ، فأتى عائشة رضي الله عنها فأخبرها فقالت : علي بمحمد ، فقال : يا أم المؤمنين ، إنه قد نهاني أن يعلم به محمد ، فأرسلت إليه فقالت : إذهب مع هذا الرجل حتى تجيئني بابن أختك ، فانطلق معه ، فدخل بالأزدي على ابن الزبير ، قال : جئتك والله بما كرهت ، وأبت أم المؤمنين إلا ذلك . فخرج عبد الله ومحمد وهما يتشاتمان ، فذكر محمد عثمان فشتمه ، وشتم عبد الله محمدا حتى انتهى إلى عائشة في دار عبد الله ابن خلف - وكان عبد الله بن خلف قبل يوم الجمل مع عائشة ، وقتل عثمان أخوه مع علي - وأرسلت عائشة في طلب من كان جريحا فضمت منهم ناسا ، وضمت مروان فيمن ضمت ، فكانوا في بيوت الدار .