ولكنهم أهل دعوتنا ، وهذا أمر حدث في أشياء لم تكن قبل اليوم ، هذا أمر من لم يلق الله عز وجل فيه بعذر انقطع عذره يوم القيامة ومع ذلك إنه قد فارقنا وافدهم على أمر ، وأنا أرجوا أن يتم لنا الصلح فأبشروا واصبروا . وأقبل صبرة بن شيمان فقال : يا طلحة ، يا زبير ، انتهزا بنا هذا الرجل فإن الرأي في الحرب خير من الشدة . فقالا : يا صبرة إنا وهم مسلمون ، وهذا أمر لم يكن قبل اليوم فينزل فيه قرآن ، أو يكون فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ، إنما هو حدث ، وقد زعم قوم أنه لا ينبغي تحريكه اليوم . وهم علي ومن معه ، فقلنا : نحن لا ينبغي لنا ان نتركه اليوم ولا نؤخره . فقال علي : هذا الذي ندعوكم إليه من إقرار هؤلاء القوم شر وهو خير من شر منه ، وهو كأمر لا يدرك ، وقد كاد أن يبين لنا ، وقد جاءت الأحكام بين المسلمين بإيثار أعمها منفعة وأحوطها . وأقبل كعب بن سور فقال : ما تنتظرون يا قوم بعد توردكم أوائلهم ؟ اقطعوا هذا العنق من هؤلاء فقالوا : يا كعب ، إن هذا أمر بيننا وبين إخواننا ، وهو أمر ملتبس ، لا والله ما أخذ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مذ بعث الله عز وجل نبيه طريقا إلا علموا أين مواقع أقدامهم ، حتى حدث هذا فإنهم لا يدرون أمقبلون هم أم مدبرون ! إن الشئ يحسن عندنا اليوم ويقبح عند إخواننا ، فإذا كان من الغد قبح عندنا وحسن عندهم ، وإنا لنحتج عليهم بالحجة فلا يرونها حجة ، ثم يحتجون بها على أمثالها ، ونحن نرجوا الصلح إن أجابوا إليه وتموا ، وإلا فإن آخر الدواء الكي . وقام إلى علي بن أبي طالب أقوام من أهل الكوفة يسألونه عن إقدامهم على القوم ، فقام إليه فيمن قام الأعور بن بنان المنقري ، فقال له علي : على الإصلاح