فلما ولي عثمان لم يأخذهم بالذي كان يأخذهم به عمر فانساحوا في البلاد ، فلما رأوها ورأوا الدنيا ، ورآهم الناس ، انقطع إليهم من لم يكن له طول ولا مزية في الإسلام ، فكان مغموما في الناس ، وصاروا أوزاعا إليهم وأملوهم ، وتقدموا في ذلك فقالوا : يملكون فنكون قد عرفناهم ، وتقدمنا في التقريب والانقطاع إليهم ، فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام وأول فتنة كانت في العامة ، ليس إلا ذلك . آراء متفرقة في تحليل الفتنة : لم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش ، وقد كان حصرهم بالمدينة ، فامتنع عليهم ، وقال : إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد ، فإن كان الرجل ليستأذنه في الغزو - وهو ممن حبس بالمدينة من المهاجرين ، ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة - فيقول : قد كان في غزوك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبلغك ، وخير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك ، فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد ، وانقطع إليهم الناس ، فكان أحب إليهم من عمر . [ ولما ] ولي عثمان حج سنواته كلها إلا آخر حجة ، وحج بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يصنع عمر ، فكان عبد الرحمن بن عوف في موضعه ، وجعل في