من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا أن عاب الغوغاء على هذا المقتول بالأمس الإرب واستعمال من حدثت سنه ، وقد استعمل أسنانهم قبله ، ومواضع من مواضع الحمى حماها لهم ، وهي أمور قد سبق بها لا يصلح غيرها ، فتابعهم ونزع لهم عنها استصلاحا لهم ، فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا خلجوا وبادوا بالعدوان ونبا فعلهم عن قولهم ، فسفكوا الدم الحرام واستحلوا البلد الحرام وأخذوا المال الحرام ، واستحلوا الشهر الحرام . والله لإصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم . فنجاة من اجتماعكم عليهم حتى ينكل بهم غيرهم ويشرد من بعدهم ، ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء . فقال عبد الله بن عامر الحضرمي : هأنذا لها أول طالب - وكان أول مجيب ومنتدب . توجه عائشة إلى المدينة وعودتها : خرجت عائشة رضي الله عنها نحو المدينة من مكة بعد مقتل عثمان ، فلقيها رجل من أخوالها ، فقالت : ما وراءك ؟ قال : قتل عثمان واجتمع الناس على علي ، والأمر أمر الغوغاء . فقالت : ما أظن ذلك تاما ، ردوني . فانصرفت راجعة إلى مكة ، حتى إذ دخلتها أتاها عبد الله بن عامر الحضرمي - وكان