* ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) * . أي وما كان لي عليكم من سلطان قبل أن تميلوا وتخرجوا عن فك الميزان إلى جانب المعصية والشقاء ، فلما ملتم دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ، فإني ما أملتكم ولوموا أنفسكم حيث ملتم قبلي ، وهذا التفسير بلسان أهل الإشارة ، وهو كلام مقبول مفهوم إن شاء الله تعالى . واعلم يا أخي أن المطيعين الصرف لا بناء لهم في النار قط ، لعصمتهم أو حفظهم ، والمخلصين يبنون تارة في الجنة وتارة في النار والمرجع في أمرهم إلى الخاتمة وإلى عفو الله عز وجل ، فإن بدل الله تعالى سيئاتهم حسنات بالتوبة النصوح فلا يبعد أن يبدل مساكنهم في النار درجات في الجنة كذلك ، وإن لم يبدل الله سيئاتهم لعدم التوبة الخالصة فهم تحت المشيئة كعصاة الموحدين الذين ماتوا على غير توبة ، ولا يخفى ما في ذلك من الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة ، نسأل الله اللطف . وأما أهل النار الذين هم أهلها فلا يبدون دائما إلا في النار ولا بناء لهم في الجنة مطلقا ، قال تعالى : * ( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) * . وهم أربع طوائف : الأولى : المشركون وهم الذين يجعلون مع الله إلها آخر . والثانية : المتكبرون كفرعون والنمرود وأضرابهما . والثالثة : المعطلون وهم الذين نفوا الإله جملة . والرابعة : المنافقون الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ولا يخلو ما أبطنوه من ثلاثة أحوال لأنه إما أن يكون شركا أو تكبرا أو تعطيلا . وقد بسطنا الكلام على أهل النار في خاتمة كتابنا المسمى باليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر . * ( والله غفور رحيم ) * واعلم أنه يجب على كل عاقل أن يحمى نفسه من دخول النار امتثالا لقوله تعالى الذي هو أشفق على العبد من والديه : * ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) * الآية .